في ظل تزايد مقلق لحالات الطلاق داخل المجتمع المغربي، اختارت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة خوض معركة من نوع جديد عنوانها “اقتصاد رعاية الطفولة”، كمدخل استراتيجي لتخفيف العبء عن النساء، وتحفيزهن على المشاركة في سوق الشغل، في وقت باتت فيه الأسرة المغربية تواجه تحولات عميقة تهدد تماسكها.
الوزيرة نعيمة بنيحيى، وخلال عرضها أمام البرلمان جوابا على سؤال كتابي تقدم به النائب إدريس السنتيسي، أكدت أن الطلاق لم يعد مجرد حدث اجتماعي عابر، بل مؤشر على أزمة بنيوية تمس بنية الأسرة المغربية وأدوارها التربوية والاجتماعية. وأوضحت أن هذا الارتفاع يرتبط بتحولات قيمية واقتصادية عاشتها المملكة، تماما كما هو الحال في العديد من المجتمعات المعاصرة.
تأهيل المقبلين على الزواج… واستثمار في الاستقرار الأسري
ولمواجهة الظاهرة من جذورها، تعمل الوزارة على برنامج وطني لتأهيل المقبلين على الزواج، يجمع بين الدعم الاجتماعي والاقتصادي، والتكوين والتوعية. ويتضمن هذا البرنامج حقائب تكوينية رقمية وحضورية، تهدف إلى إعداد الأزواج الجدد لمواجهة التحديات اليومية للحياة الأسرية.
كما أعلنت بنيحيى عن إحداث 55 فضاء للأسرة بمختلف جهات المملكة، تقدم خدمات متنوعة تشمل التربية الوالدية، وتكوين الأزواج، والحضانات الاجتماعية للأطفال من 3 أشهر إلى 4 سنوات، بتمويل إجمالي يفوق 20 مليون درهم.
وترى الوزارة أن إشراك المجتمع المدني هو مفتاح النجاح، إذ تم دعم 38 جمعية بمبلغ إجمالي قدره 7 ملايين درهم لتقديم خدمات التربية الوالدية والإرشاد الأسري. كما استفاد 141 مكونا ومكونة من برامج تكوين في هذا المجال، إلى جانب إعداد دلائل عملية تساعد الآباء على حسن تدبير علاقاتهم الأسرية وتربية أبنائهم.
اقتصاد الرعاية… مفهوم جديد لتمكين النساء
وفي مبادرة نوعية، أطلقت الوزارة دينامية وطنية للتوعية بأهمية الاستثمار في اقتصاد الرعاية، باعتباره أداة لتحرير وقت النساء، وتمكينهن اقتصاديا دون المساس بدورهن الأسري. وتم تنظيم مؤتمر دولي حول اقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية بشراكة مع القطاعات الحكومية، توج بتوصيات تهدف إلى بناء منظومة وطنية مندمجة للرعاية، توفر فرص شغل وتحقق الرفاه الأسري.
ولتعزيز قدرات المهنيين، تم إطلاق برامج تكوين في الوساطة الأسرية، وخدمات الرعاية الشخصية للمسنين والأشخاص فاقدي الاستقلالية، في مسعى إلى بناء شبكة مؤهلة قادرة على التدخل الفعّال للوقاية من التفكك الأسري.