الأكثر مشاهدة

الجزائر تغلق أجواءها أمام مالي وفرنسا تختار المغرب كممر جوي بديل

تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي بعد إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة تابعة للقوات المالية، دخل مرحلة جديدة من الحرب الجوية الصامتة، بعدما بادرت الجزائر إلى إغلاق مجالها الجوي في وجه الطائرات القادمة من مالي اعتبارا من 6 أبريل الجاري، ليرد النظام في باماكو بالإجراء نفسه، في خطوة غير مسبوقة بين البلدين الجارين.

القرار المتبادل أغلق واحدا من أهم الممرات الجوية التي كانت تستخدمها شركات الطيران الدولية، خصوصا الفرنسية منها، للوصول إلى دول غرب إفريقيا. شركة “إير فرانس” و”كورساير” وجدتا نفسيهما مضطرتين لإعادة رسم خريطة الطيران، والنتيجة: التحول إلى الأجواء المغربية، التي باتت تمثل المنفذ الآمن الوحيد بعد استبعاد الأجواء الجزائرية والمالية من مسار الرحلات.

المغرب يستفيد من توتر الجارين

- Ad -

من خلال مواقع تتبع الرحلات الجوية مثل “Flightradar24” و”Flightaware”، يلاحظ أن الرحلات الجوية الفرنسية نحو أبيدجان ودكار باتت تمر عبر الأجواء المغربية والموريتانية، لتتجنب كلًا من الجزائر ومالي. الطائرات القادمة من مطار شارل ديغول نحو أبيدجان، على سبيل المثال، تتبع مسارا يمر فوق المغرب ثم موريتانيا وصولا إلى ساحل العاج، فيما تتجه رحلات داكار مباشرة من المغرب إلى موريتانيا ثم السنغال.

أما طائرات “كورساير” المنطلقة من مطار أورلي بباريس نحو أبيدجان، فقد أصبحت تعتمد هي الأخرى نفس المسار، ما يعني أن المغرب بات نقطة عبور محورية في الربط الجوي بين أوروبا وغرب إفريقيا.

Entre l'Algérie et le Mali, Air France et Corsair choisissent... l'espace aérien marocain 1 Air Journal

تداعيات زمنية واقتصادية.. وسياسية أيضًا

تغيير المسارات الجوية لم يمر دون تكلفة، إذ ارتفعت مدة الرحلة من وإلى غرب إفريقيا بنحو 30 إلى 45 دقيقة، حسب بيانات Flightradar24، ما يترجم إلى زيادة في استهلاك الوقود وتكاليف التشغيل. ومع ذلك، فإن هذا المسار الجديد يظل أقل تكلفة مقارنة بالتحليق عبر دول بديلة جنوب مالي، بسبب المساحات الشاسعة التي يغطيها هذا البلد وارتفاع تكاليف تجاوزها.

في الخلفية، لا يمكن تجاهل البعد السياسي. فبينما تعرف العلاقات الجزائرية الفرنسية مزيدا من الفتور، خصوصا بعد أزمة التأشيرات وإجراءات الترحيل، تتحسن في المقابل العلاقة بين باريس والرباط، منذ إعلان فرنسا دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء. هذا التحول في الموقف الفرنسي كان كافيا لإعادة الدفء بين البلدين، وهو ما يفسر جزئيا لجوء الشركات الفرنسية للمجال الجوي المغربي.

ورغم أن مالي سبق أن منعت شركة “إير فرانس” من الهبوط في مطار باماكو منذ انقلاب 2023، إلا أن المجال الجوي المالي لا يزال مفتوحا في وجه تحليقاتها العابرة. المفارقة أن “إير فرانس” و”ترانسافيا” لا تزالان تسيران رحلات يومية إلى الجزائر دون مشاكل، في وقت أصبحت الأجواء الجزائرية محظورة أمام عبور الطائرات في اتجاه جنوب الصحراء، ليس بسبب خلاف مباشر مع فرنسا، بل كرد فعل على إسقاط طائرة مسيرة مالية.

في المحصلة، يستفيد المغرب من وضعية إقليمية متوترة، ليعزز مكانته كمركز عبور جوي آمن في إفريقيا، بينما تستمر دول أخرى في خسارة نفوذها بسبب قرارات انفعالية وتوترات سياسية متصاعدة.

مقالات ذات صلة