في مشهد يتكرر مع كل مناسبة دينية، اختار مسلمو سبتة ومليلية أن يصوموا ويفطروا وفق إعلان وزارة الأوقاف المغربية، لا تقويم إسبانيا الرسمي. وبينما تمسكت اللجنة الإسلامية في إسبانيا بانتهاء رمضان يوم الأحد، أعلن مسلمو المدينتين العيد يوم الإثنين، في انسجام كامل مع بلاغ الرباط.
لكن هذه المرة لم يكن الاختلاف مقتصرا على مواقيت العيد، بل امتد إلى شعيرة الأضحية نفسها. فبعد توصية الملك محمد السادس بعدم ذبح الأضاحي نظرا للظروف الاقتصادية والجفاف، ترددت أصداء الدعوة في سبتة ومليلية، حيث تبنت جمعيات محلية الخطاب الملكي، داعية إلى التضامن مع المغاربة، رغم أن ثمن الأضحية في إسبانيا يظل معقولا (حوالي 250 أورو).
الجمعيات المقربة من الرباط، مثل “المستهلكين الحلال” و”الجماعة الإسلامية لمليلية”،.. لم تخف انحيازها لمرجعية أمير المؤمنين، معتبرة أن القرار عقلاني وإنساني. في المقابل، التزمت اللجنة الإسلامية الإسبانية صمتا لافتا، عاكسة حالة انكفاء عن إدارة المشهد الديني في المدينتين.
ويشار إلى أن وزارة الأوقاف المغربية تمول 34 مسجدا و95 إماما في سبتة، و17 مسجدا و58 إماما في مليلية،.. ما يجعل تأثيرها أكثر من رمزي. ومع هذا النفوذ المتنامي، يجد المسلمون أنفسهم عالقين بين جنسية إسبانية وهوية دينية مغربية،.. في وضع يكرس ازدواجية المرجعية ويطرح سؤالا شائكا: لمن الولاء عند تباين القرارات؟
هكذا تظل المدينتان مجالا دينيا خارج السيادة الإسبانية الكاملة، تدبر شعائرهما من الرباط،.. في مفارقة تؤكد أن السلطة الروحية لا تعترف بالحدود، خصوصا إذا كانت وهمية.