في مشهد يعكس تحولات جيوستراتيجية دقيقة، يقترب المغرب من حسم صفقة نوعية مع شركة Embraer البرازيلية لاقتناء طائرات النقل العسكري متعددة المهام KC-390 Millenium، في خطوة تُسجل انتقالا جديدا في مسار تحديث القوات الملكية الجوية.
فبعد عقود من الاعتماد على “الهرقل” الأمريكية C-130H Hercules، التي شكلت العمود الفقري لعمليات النقل العسكري، بات واضحا أن تقادم هذه الطائرات وتراجع جاهزيتها التقنية فرض البحث عن بديل يواكب الطموح المغربي في امتلاك قوة جوية أكثر دينامية وكفاءة.
لماذا KC-390؟
الاختيار لم يكن اعتباطيا. فالطائرة البرازيلية تتميز بقدرات كبيرة على نقل الحمولات الثقيلة، بما فيها العربات المدرعة، مع مرونة في الإقلاع والهبوط من مدارج قصيرة أو وعرة. وإلى جانب سرعتها الأعلى ومدى طيرانها الأوسع، تراهن القيادة الجوية المغربية على انخفاض كلفة صيانتها مقارنة بالطائرات الأمريكية الكلاسيكية.
تقدر قيمة الصفقة بحوالي 600 مليون دولار، وهو استثمار يندرج في إطار سياسة المغرب بعيدة المدى لتقوية دفاعاته الجوية والبرية، ضمن منظومة شاملة لم تتوقف منذ سنوات: من تحديث أسطول F-16 Viper، إلى اقتناء مروحيات AH-64E Apache، مرورا بتطوير قدرات المراقبة والردع عبر الطائرات بدون طيار.
هذه الصفقة تحمل في طياتها دلالات تتجاوز الجانب العسكري. فهي إشارة إلى انفتاح المغرب على صناعة دفاعية ناشئة لكنها واعدة في البرازيل، بما يساهم في تنويع شركائه الاستراتيجيين وتقليل الارتهان للولايات المتحدة أو أوروبا وحدهما.
وبينما تخطط واشنطن لرفع أثمنة مقاتلاتها وصيانتها، تبدو برازيليا شريكا مغريا يتيح للمغرب المرونة في عقوده الدفاعية.
إذا ما اكتملت الصفقة خلال الأشهر المقبلة، فإن دخول KC-390 إلى الخدمة لن يكون مجرد تحديث لأسطول النقل العسكري، بل خطوة ضمن مسار أشمل نحو ما يمكن تسميته “قوة جوية 2030”، حيث يتقاطع البعد العملياتي مع الطموح الجيوسياسي للمغرب في لعب أدوار متقدمة قارياً ودولياً.