تساؤلات تنبعث من استنتاجات المحامية العامة لمحكمة العدل الأوروبية حول اتفاقية الصيد البحري التي تربط الرباط ببروكسل، وتثير تساؤلات حول الأوراق المتاحة للرباط لمواجهة مختلف الاحتمالات المحتملة للحكم النهائي.في إسبانيا، بعد صدور استنتاجات المدعية العامة، بدت القلق واضحا حول احتمال إلغاء الاتفاق، مما دفع فدرالية الصيد البحري بإسبانيا (cepesca) إلى التحذير يوم الخميس من الآثار المحتملة لهذا القرار على الصيادين.
أنفانيوز – بقلم بشرى الخطابي
وأكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن “الرباط ليست طرفا في هذه المحاكمة” التي تجري بشكل “ماراثوني”، مما يشير وفقا للخبراء إلى أن “المملكة تفضل تبني موقف المراقب في هذه المعركة، مما يظهر لها إرادة أوروبا في بناء شراكة قوية معها”.
المغرب يضع سيناريوهات ما بعد الحكم
تثار تساؤلات من قبل هؤلاء الخبراء حول ما إذا كانت “محكمة العدل الأوروبية ستقع في فخ تفسير النزاع الإقليمي بشأن الصحراء،.. الذي يخضع لاختصاص الأمم المتحدة،.. وتتبع حركة بعض النقابات الفلاحية التي تستغل مسألة الصحراء وغيرها لتقييد دخول المنتجات الفلاحية المغربية إلى سوق الاتحاد الأوروبي؟”. بخصوص أوراق الرباط، أشار موساوي العجلاوي،.. الخبير في قضية الصحراء والشأن الإفريقي، إلى أن “المملكة قد وضعت سيناريوهات لما بعد الحكم منذ فترة طويلة”.
وأوضح العجلاوي أن المغرب لا يميز بين أقاليمه الشمالية والجنوبية،.. ويستند في ذلك إلى ثوابت الدستور المغربي وقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنتي 1415 و1541. وأشار العجلاوي إلى أن “المغرب يعتبر النزاع أمرا أوروبياً-أوروبياً، وأن المسؤولية القانونية تقع على المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا،.. ولذلك طعنت المؤسستان في القرار الابتدائي”. كما أضاف العجلاوي أن “تحولات كبرى تجري في العالم، منها بالخصوص منطقة الساحل والصحراء وغرب المتوسط،.. وأن قانون الاتحاد الأوروبي يدمج مادة الجوار في ميثاقه،.. مما يتيح للمحكمة استنادا إليها في حالة وجود عوائق في قرارها”. وأشار إلى أن “رغم أن ثلثي المبادلات الخارجية مع الاتحاد الأوروبي،.. إلا أن هناك بدائل، مثل بريطانيا التي أقرت محكمتها العليا بقانونية التبادل التجاري مع المغرب بصحرائه،.. ويمكن للمحكمة الأوروبية أن تنظر إلى هذا القرار”.
إقرأ أيضا :وزير النقل الإسباني يزور المغرب: تعزيز التعاون الثنائي في مجال النقل والبنية التحتية
أوروبا بين حماية مصالحها ومصير اتفاقية الصيد البحري
وتابع العجلاوي بالقول إن “من بين الدول البديلة الأخرى، نجد روسيا والصين،.. حيث أبرمت اتفاقية الصيد البحري مع روسيا منذ سنوات وتشمل السواحل الصحراوية”. وأشار إلى أن “التساؤلات تتزايد حول ما إذا كانت محكمة العدل ستتدخل في ملف الصحراء، الذي يخضع لاختصاص الأمم المتحدة”. وفقا لرشيد باجي، الخبير في القانون الدولي،.. يقوم المغرب بتصور يعتمد على سياسة تم تبنيها في العقد الأخير،.. حيث تم بناء شراكات ثنائية مع أهم الدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي.
وأوضح باجي، أن المغرب “يعتبر الحائط المنيع الذي يحمي أوروبا من الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب. وبالتالي، فإن الاتحاد الأوروبي يدرك تماما أن مصلحته في بناء علاقات متينة مع الرباط،.. وأن أي اختلال في هذه العلاقات سينعكس بالسلب على بروكسيل”. وأضاف أن “المغرب قد عمل على تنويع شركائه غير الأوروبيين وأبرم معهم اتفاقيات تبادل حر، مثل الولايات المتحدة وتركيا، بالإضافة إلى شراكته مع بريطانيا والدول الإفريقية والدول الخليجية”.
وأشار إلى أن “أي حكم سلبي سيؤثر من الناحية الشكلية على علاقة الرباط ببروكسيل،.. ولكن يجب أن ندرك أن الاتحاد الأوروبي يبقى مجرد منظمة إقليمية تضم مجموعة دول ذات سيادة، وليس لديها سلطة تحدد من خلالها السلوك الخارجي للدول الأوروبية”.
وأختتم باجي بالقول إن “إسبانيا دولة ذات سيادة، وبالتالي لا يتحكم الاتحاد الأوروبي في توجهاتها الخارجية،.. وستكون مضطرة للبحث عن مسالك أخرى لضمان مصالحها،.. خاصة وأنها تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمملكة المغربية”.