في الوقت الذي يعيش فيه المغرب أزمة مياه حادة، اضطرت السلطات المختصة إلى اتخاذ إجراءات صارمة للحد من استهلاك المياه. هذه الإجراءات تشمل قطع الماء عن بعض الفلاحين في مناطق محددة، وإغلاق الحمامات العامة ومحلات غسل السيارات، إضافة إلى حث المواطنين في المساجد على ترشيد استخدام الماء أثناء الوضوء. هذه التدابير تعكس الواقع الصعب الذي تعيشه المملكة بسبب نقص الموارد المائية، حيث أصبح توفير المياه تحديا يوميا، خاصة في المناطق القروية وبعض المدن.
في العديد من القرى، أصبح الحصول على الماء يعتمد بشكل متزايد على شراء صهاريج الماء بشكل دوري،.. حيث تضطر الأسر إلى دفع مبالغ كبيرة لتأمين حاجياتها الأساسية من المياه. هذا الوضع يشكل عبئا إضافيا على سكان القرى، الذين يعانون بالفعل من نقص في الخدمات الأساسية.
في المقابل، تشهد بعض المدن المغربية، وخاصة الأحياء الراقية، سلوكيات مناقضة تماما. ففي الدار البيضاء، رصدت “آنفا نيوز” بعض أصحاب الفيلات وهم يستخدمون خراطيم المياه لغسل سياراتهم وسقي حدائقهم بإسراف، دون أدنى إحساس بالمسؤولية تجاه الأزمة المائية التي تعصف بالبلاد. فيلات بمسابح ممتلئة، وشركات وفنادق تستهلك كميات كبيرة من المياه دون رقابة فعالة، في حين يعاني سكان المناطق القروية من شح المياه وارتفاع تكاليف الحصول عليها.
إقرأ أيضا: إجراءات لتقنين المياه في الدار البيضاء لمواجهة أزمة العطش
هذا التناقض الصارخ يطرح تساؤلات حول العدالة في توزيع الموارد المائية،.. ويدعو إلى ضرورة تعزيز الوعي البيئي والمسؤولية الاجتماعية لدى الجميع. فبينما يطلب من المواطنين العاديين ترشيد استهلاكهم للمياه،.. تظل الفئات الميسورة والشركات الكبرى غير معنية بشكل جدي بتلك الجهود.
يبدو أن أزمة المياه في المغرب تتطلب أكثر من مجرد إجراءات مؤقتة،.. بل تحتاج إلى استراتيجية وطنية شاملة تراعي العدالة الاجتماعية وتضمن توزيعا عادلا للموارد المائية بين جميع فئات المجتمع،.. مع فرض رقابة صارمة وغرامات كبيرة على الجهات التي تهدر المياه بشكل غير مسؤول.