دخل المغرب هذا العام منعطفا حاسما في جهوده لضمان الأمن المائي من خلال تمديد عمليات الاستمطار على مدار السنة “برنامج غيث”، في خطوة تعكس التزام البلاد بتعزيز مواردها المائية في مواجهة تحديات الجفاف والمناخ المتغير. تعتمد هذه العملية على مجموعة متنوعة من التقنيات المتقدمة الهادفة إلى تحسين معدلات التساقطات المطرية والثلجية، مما يسهم في دعم القطاع الزراعي وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
“برنامج الغيث” في طليعة المبادرات العلمية
يشكل “برنامج الغيث” العمود الفقري لهذه الجهود، وهو مشروع وطني متقدم يعتمد على الاستمطار الصناعي لزيادة التساقطات. البرنامج مدعوم بتعاون دولي واستخدام أحدث التقنيات مثل الطائرات الخاصة بتلقيح السحب والمولدات الأرضية المنتشرة في مواقع استراتيجية. وقد صرحت المديرية العامة للأرصاد الجوية أن عملية الاستمطار تتم وفق معايير عالمية، حيث يتم تحليل ومراقبة الظروف الجوية بعناية لضمان الفعالية والسلامة.
ردا على تقارير إعلامية خارجية، أكدت المديرية أن عمليات الاستمطار تخضع لدراسات علمية دقيقة ولا يتم تنفيذها في الظروف الجوية القاسية التي قد تشكل خطرا. هذا التوضيح جاء بعد انتشار شائعات حول عدم مراعاة البرنامج للظروف الجوية في بعض المناطق،.. مشيرة إلى أن حالات الطقس العنيفة التي شهدتها مناطق الأطلس لم تشهد أي تدخلات تلقيح.
تاريخ الاستمطار في المغرب
البرنامج المغربي للاستمطار ليس حديث العهد؛ فقد انطلق في عام 1984 تحت رعاية الملك الراحل الحسن الثاني،.. بعد سنوات متتالية من الجفاف الذي ضرب البلاد. البرنامج مر بمراحل متعددة بدءا من التجريب والتنفيذ وصولا إلى التشغيل الكامل،.. وهو اليوم جزء أساسي من الجهود الوطنية لضمان الأمن المائي.
يتعاون في تنفيذ البرنامج عدد من المؤسسات الوطنية مثل القوات الملكية الجوية والدرك الملكي،.. في تنسيق مع وزارة التجهيز والماء ووزارة الداخلية. ومن أبرز التقنيات المستخدمة في البرنامج طائرات King Air 200 المتخصصة في تلقيح السحب الطبقية وطائرات Alpha-jet التي تستخدم لتلقيح السحب الركامية. إلى جانب ذلك، هناك شبكة من المولدات الأرضية المنتشرة (20 مولد) في مراكز مختلفة تسهم في هذه العملية.
ضمن جهود مكافحة الجفاف، تعمل الحكومة على تطوير برنامج الغيث.. من خلال توقيع اتفاقيات لتعزيز وتوسيع نطاقه بالتعاون مع عدد من الوزارات والمؤسسات الوطنية. تتضمن هذه الجهود إنشاء مراكز جديدة في مناطق حيوية مثل تازة وخنيفرة،.. بالإضافة إلى توسيع المواقع الأرضية وزيادة انتشار تقنيات الاستمطار.
هذا التوسع في العمليات يهدف إلى تغطية أوسع للمناطق الجبلية وتعميم التدخلات لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من المناطق المتأثرة بالجفاف،.. مما يعزز فرص نجاح البرنامج ويحقق أهدافه الوطنية على المدى البعيد.