رغم التحسن التدريجي في الوضعية المائية في المغرب منذ نهاية مارس وبداية أبريل الماضيين، إلا أن تحديات كبيرة ما زالت تواجه منظومة الموارد المائية في البلاد، خاصة في السدود والأحواض المائية، مع استمرار الصيف وارتفاع درجات الحرارة. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول الجدوى من عدم التوجه نحو بناء محطات طاقة شمسية وتغطية السدود بالألواح الشمسية للتخفيف من مشكلة التبخر التي تؤثر بشكل كبير على المخزون المائي.
بحسب البيانات الرسمية المتاحة على بوابة “مغرب السدود”، فإن نسبة ملء السدود في المغرب لم تتجاوز 31.27%،.. وهي نسبة أقل من ما كانت عليه في السنة الماضية. هذا الانخفاض يعزى جزئيا إلى ارتفاع معدل التبخر الناتج عن زيادة درجات الحرارة، والتي تبدأ عادة في الربيع وتستمر في الصيف، مما يؤثر سلبًا على كمية المياه المخزنة في السدود.
خبراء في مجال الهيدروجيولوجيا يشيرون إلى أن التبخر هو أحد العوامل الأساسية التي تتحكم في دورة المياه الطبيعية،.. إذ تلعب درجات الحرارة دورا محوريا في حجم وديناميكية التبخر. وفي هذا السياق، أكد مراد أقنوي، أستاذ جامعي متخصص في الهيدروجيولوجيا،.. أن التبخر يتزايد بشكل كبير في الصيف ويؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من المياه،.. خاصة في المناطق الجنوبية للمغرب التي تشهد درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 45 و46 درجة مئوية.
معالجة إشكالية التبخر في السدود
ورغم هذه الحقائق العلمية الموثقة، يظل غياب استراتيجيات فعالة لتقليل خسائر التبخر في السدود ملاحظة مثيرة للتساؤل. فمثلا، يمكن لتغطية السدود بالألواح الشمسية أن يوفر حلا مزدوجا،.. يتمثل في تقليل معدل التبخر من خلال تقليل تعرض المياه لأشعة الشمس المباشرة،.. وفي نفس الوقت توليد الطاقة الكهربائية النظيفة والمستدامة. هذا الإجراء يمكن أن يساهم بشكل كبير في تقليل الأثر البيئي وتعزيز استدامة الموارد المائية.
علاوة على ذلك، فإن بناء محطات طاقة شمسية قريبة من السدود يمكن أن يوفر حلا إضافيا لإنتاج الطاقة المتجددة في مناطق تعاني من نقص في مصادر الطاقة التقليدية. هذه المحطات يمكن أن تعمل بكفاءة عالية، خاصة في المناطق الجنوبية والشمالية الشرقية التي تتمتع بعدد كبير من ساعات الشمس الساطعة على مدار السنة.
مع ذلك، يبدو أن هناك غيابا لرؤية استراتيجية طويلة المدى تستهدف الاستفادة القصوى من التكنولوجيا الشمسية لحل مشكلات التبخر ونقص الطاقة في المغرب. هذا الغياب يمكن أن يعزى إلى مجموعة من العوامل، منها نقص الوعي بأهمية الاستفادة من التكنولوجيا النظيفة،.. والعوائق البيروقراطية التي تعرقل تنفيذ المشاريع الكبرى، وقلة التمويل المخصص لمثل هذه المبادرات.
في ضوء هذه التحديات، يبقى من الضروري النظر في الحلول الممكنة للتخفيف من تأثيرات التبخر على الموارد المائية،.. ومن أبرزها تعزيز استخدام الألواح الشمسية لتغطية السدود وبناء محطات طاقة شمسية. كما يجب تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية لتطوير استراتيجيات مستدامة تضمن توفير المياه والطاقة للأجيال القادمة.
إن الفشل في تبني هذه الحلول المستدامة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أزمة المياه والطاقة في المغرب،.. مما يهدد الأمن المائي والبيئي للبلاد. لذا، فإن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق استدامة الموارد الطبيعية واستغلال التكنولوجيا المتاحة لمواجهة التحديات الراهنة.