شهدت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، في الأيام الأخيرة، فصول قضية غير مألوفة أثارت الكثير من الجدل، بطلها سائق يشتغل ضمن منصة النقل “إندرايف”، تم الحكم عليه بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، بالإضافة إلى تعويض مدني لفائدة المشتكي بقيمة 10 آلاف درهم، على خلفية متابعته بجنحة خيانة الأمانة طبقا للفصل 547 من القانون الجنائي المغربي.
القضية تعود إلى رحلة عادية انطلقت من مدينة الدار البيضاء في اتجاه مدينة الصويرة، حين قام الزبون بطلب خدمة نقل عبر تطبيق “إندرايف”. لكن الأمور انقلبت رأسا على عقب بعد توقف السيارة في باحة استراحة على الطريق، حيث ترجل الراكب لأخذ جرعة من الأنسولين بسبب حالته الصحية. إلا أن السائق، بشكل مفاجئ، أدار المحرك وغادر المكان تاركا الزبون في وضع صعب.
الأكثر إثارة في هذا الملف، أن السائق لم يكتف بالتخلي عن الراكب، بل قام لاحقا، حسب ما أكده بنفسه، بالتخلص من أمتعته بعد أن تذكر أنها ما زالت في الصندوق الخلفي للسيارة. وبرر فعلته أمام المحكمة باتهام الزبون بالتحرش الجنسي، مدعيا أن ما وجده داخل إحدى الحقائب “كان يحتوي على أغراض ذات طابع إباحي” ما دفعه لرميها في الخلاء، بحسب تصريحه.
إقرأ أيضا: دعوة لتحقيق شامل بعد الاعتداء على سائق “إندرايف” بالدار البيضاء
النيابة العامة، وبعد دراسة وقائع الملف، قررت متابعة السائق بتهمة خيانة الأمانة، معتبرة أن تصرفه لا يدخل في إطار الدفاع عن النفس أو رد فعل تلقائي، بل شكل انتهاكا لثقة الزبون وتفريطا في ممتلكاته الشخصية.
الحكم الذي أصدرته المحكمة حمل دلالة رمزية، خصوصا مع التنامي المتسارع لاستخدام تطبيقات النقل في المغرب، وضرورة تأطير العلاقة بين السائقين والمستخدمين قانونيا وأخلاقيا، في ظل غياب مدونة واضحة تحمي الحقوق وتحدد المسؤوليات في مثل هذه الحالات.