في خطوة مهمة نحو استضافة كأس العالم 2030، قامت شركة “سوجي كابيتال جيستيون” (SKG) بتحديث دراستها التي كانت قد أعدتها في يونيو الماضي، والتي تناولت الآثار الاقتصادية المحتملة لهذا الحدث الرياضي الكبير على الاقتصاد المغربي. التحديث الجديد يأتي بعد قرار الفيفا باختيار الملف المشترك بين المغرب، إسبانيا، والبرتغال كمرشح وحيد لتنظيم البطولة.
تحليل “سوجي كابيتال جيستيون” يتناول العديد من المعطيات المتعلقة بالاستثمارات التي يحتاج المغرب إلى ضخها في مختلف القطاعات لاستضافة هذا الحدث. وبحسب الشركة، يتراوح المبلغ الذي سيتعين على المملكة تحمله لتنفيذ هذه الاستثمارات ما بين 15 و20 مليار دولار. وقد استندت هذه التقديرات إلى متوسط تكلفة تنظيم كأس العالم، بالإضافة إلى افتراضات تتعلق بتحديث المعايير الإنشائية، والتضخم، وارتفاع الميزانية مقارنة ببطولة قطر 2022.
حصة المغرب من التكلفة: 5 إلى 6 مليار دولار
من المتوقع أن تتحمل المملكة حصة كبيرة من هذه التكلفة، حيث تشير التوقعات إلى أن المبلغ الذي سيخصص للمغرب قد يتراوح بين 5 و6 مليارات دولار (ما يعادل حوالي 50 إلى 60 مليار درهم مغربي). في الوقت نفسه، تؤكد الدراسات أن التمويل سيبقى دون ضغوط إضافية على المالية العامة، على الرغم من وجود توقعات بتفاقم العجز في الحساب الجاري على المدى القصير نتيجة زيادة واردات السلع الجاهزة وشبه الجاهزة. ومع ذلك، من المتوقع أن يتم عكس هذه الاتجاهات السلبية على المدى المتوسط والطويل بفضل زيادة الإيرادات من السياحة.
التمويل والبنية التحتية: من يدفع ومن يستفيد؟
فيما يتعلق بالتمويل، تظهر التوقعات أن الدولة ستكون مسؤولة عن تمويل بناء الملاعب ومراكز التدريب، وهو ما يتطلب ميزانية ضخمة تقدر بحوالي 25 مليار درهم. أما المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، مثل شبكة النقل، فيتوقع أن يتم تمويلها من قبل الشركات الحكومية المغربية عبر قروض بنكية أو من خلال اللجوء إلى سوق الديون الخاصة. ويتوقع أيضا أن تساهم قروض ميسرة من دول أخرى في تغطية تكاليف أخرى تخص تنظيم الحدث.
تأثيرات إيجابية على السوق المالية
بالانتقال إلى السوق المالية، أظهرت دراسة SKG أن بعض القطاعات ستستفيد بشكل كبير من استضافة المغرب لهذا الحدث الرياضي الضخم. على سبيل المثال، يتوقع أن يكون القطاع البنكي من أكبر المستفيدين، حيث سيشهد زيادة في تمويل المشاريع الكبرى المرتبطة بالبنية التحتية، مثل بناء الفنادق والمرافق الرياضية. بدورها، ستستفيد شركات البناء من المشاريع الضخمة التي ستنفذ على مدار السنوات القادمة، ما يعزز الطلب على المواد الإنشائية مثل الأسمنت والحديد.
إقرأ أيضا: تحضيرات المغرب لكأس العالم 2030: 35 مدينة في قلب مشاريع التنمية
في الوقت نفسه، يتوقع أن يساهم الحدث في تحفيز القطاع السياحي، سواء من خلال التدفق الكبير للسياح أثناء البطولة أو عبر تحسين البنية التحتية الفندقية على المدى الطويل. ومن المتوقع أن يساهم القطاع السياحي في زيادة الإيرادات الوطنية، مما ينعكس إيجابا على الميزان التجاري.
قطاع الاتصالات: رهان على المستقبل
وفيما يخص قطاع الاتصالات، تتوقع زيادة كبيرة في حركة البيانات والصوت، إلى جانب تحسين انتشار الشبكات وزيادة الاستثمار في تطوير البنية التحتية لشبكات الاتصال، بما في ذلك تسريع تطبيق تقنيات الجيل الخامس (5G). هذا التطور التكنولوجي سيكون له تأثير إيجابي على جميع القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالمنافسة العالمية في مجالات النقل، والضيافة، والترفيه.
دعم المؤسسات الدولية: 650 مليون يورو من البنك الأفريقي للتنمية
وفي إطار الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030، أعلنت رئيسة البنك الأفريقي للتنمية، أكينومي أديسينا، عن تخصيص تمويل بقيمة 650 مليون يورو لدعم تطوير البنية التحتية الأساسية في المغرب، بما في ذلك مشروعات السكك الحديدية والمطارات. يأتي هذا التمويل في إطار الشراكة المستمرة بين المغرب والبنك الأفريقي للتنمية، الذي أقر مؤخرا مشروعا آخر بقيمة 1.5 مليار دولار لدعم المملكة في مجالات الطاقة، والمياه، والبنية التحتية، والصحة.
إجمالا، تشير التوقعات إلى أن تنظيم كأس العالم 2030 في المغرب سيعزز من مكانته الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وسيفتح أبوابا جديدة للفرص الاقتصادية عبر القطاعات المختلفة، مع التأكيد على ضرورة التنسيق بين جميع الأطراف المعنية لضمان نجاح هذا المشروع الضخم.