تشهد طموحات شركة Xlinks البريطانية، التي تسعى لربط المغرب بالمملكة المتحدة عبر أطول كابل بحري في العالم لنقل الطاقة المتجددة، اضطرابات متزايدة قد تهدد مستقبل المشروع بأكمله. فبعد أربع سنوات من الإجراءات الإدارية، خرج رئيس الشركة ديف لويس عن صمته، مبدياً استياءه في مقابلة صحفية مع صحيفة “تيليغراف” من بطء التراخيص البريطانية قائلا: “لقد قمنا بكل ما طلب منا، لكن العملية تأخذ وقتا طويلا بشكل لا يحتمل”.
ما يثير قلق الشركة بشكل أكبر هو التهديد المتزايد بفقدان دعم المستثمرين الدوليين، بسبب عدم اليقين المزمن وتأخر الموافقات. ووسط هذا الإرباك، تدرس Xlinks بدائل محتملة تشمل ألمانيا ودولة أخرى لم تفصح عنها بعد، تحسبا لفشل استكمال التراخيص في بريطانيا.
في الوقت الراهن، لا تمس التهديدات المغرب، بل تطال مصنع تصنيع الكابلات الذي كان من المرتقب تشييده في اسكتلندا، حيث تنوي Xlinks نقله إلى بلد آخر في حال استمرار التعثر الإداري.
يذكر أن الشركة تمكنت من جمع 100 مليون جنيه إسترليني من مستثمرين كبار مثل “توتال إنرجي” و”طاقة”، كما لقيت حملتها الأخيرة لتمويل الدين إقبالا واسعا، ما يؤكد ثقة السوق في المشروع.
عراقيل بيروقراطية تهدد الآجال
ورغم تصنيف المشروع كبنية تحتية ذات أهمية وطنية منذ شتنبر 2023، فإن Xlinks لم تحصل بعد على “موافقة التطوير” المطلوبة، وهي وثيقة تماثل تقييم الأثر البيئي وتمنح عبر مسطرة مركزية على مستوى الوزارة.
حاليا، المشروع في مرحلة ما قبل الفحص، والتي تستغرق 3 أشهر، تليها مرحلة الفحص الرسمي التي قد تمتد إلى 9 أشهر إضافية، ثم مرحلة القرار النهائي. ووفقا لهذا الجدول الزمني، فإن الموافقة قد لا تمنح قبل سنة 2026، ما يعني أن المشروع، الذي يحتاج إلى 5 سنوات للتنفيذ، لن يكون جاهزا قبل 2031.
ويشار إلى أن متوسط وقت الموافقة على هذا النوع من المشاريع ارتفع من 2,6 سنوات في 2012 إلى 4,2 سنوات في 2021، بزيادة 61%، ما يعكس تعقيد النظام الإداري البريطاني.
معارضة فرنسية رسمية: المشروع يهدد البيئة البحرية!
وفي تطور مقلق، وجهت السلطات الفرنسية، في رسالة مؤرخة بتاريخ 25 مارس 2025، انتقادات شديدة للمشروع، خاصة في ما يتعلق بمروره عبر مياهها الإقليمية. ووصفت مسار الكابل بمحاذاة السواحل الفرنسية (منطقة جيروند ولاند) بغير الملائم بيئيا، خصوصا أن الشركة لم تقدم مبررات تقنية مقنعة لرفضها مد الكابل في أعماق تتجاوز 1000 متر.
كما شددت الرسالة على أن عبور “خليج كابريتون”، المصنف كمنطقة بيئية ذات حماية عالية، أمر غير مقبول بيئيا نظرا لتنوعه الإيكولوجي الفريد، محذرة من الآثار التراكمية لصيانة الكابلات في هذه المنطقة. ويزيد الأمر تعقيدا أن المشروع سيعبر منطقتين محميتين من نوع “ناتورا 2000” في بريتاني، وهو ما يتطلب التزاما صارما بمعايير الحماية البيئية.
هل تكون 2025 سنة الحسم؟
إلى جانب ذلك، تطالب Xlinks بعقد طويل الأمد مع الحكومة البريطانية بسعر ثابت للكهرباء يبلغ حوالي 70 جنيها إسترلينيا للميغاواط/ساعة، وهو أقل من كلفة إنتاج الطاقة النووية أو الكهرومائية. إلا أن الحكومة البريطانية، وبدافع المخاوف الجيوسياسية والحاجة إلى السيادة الطاقية، تميل حاليا إلى دعم مشاريع الإنتاج المحلي للطاقة المتجددة، مما يضع المشروع المغربي البريطاني على المحك.
المشروع المقترح من Xlinks يشمل إنشاء أربعة كابلات بحرية عالية التوتر، بطاقة إجمالية تبلغ 7 جيغاواط من الطاقة الشمسية و4.5 جيغاواط من طاقة الرياح، إلى جانب 5 جيغاواط من سعة البطاريات، ممتدة على مساحة 1500 كلم مربع. ويتوقع أن يوفر 8% من احتياجات المملكة المتحدة من الكهرباء في غضون خمس سنوات من بدء التنفيذ.
لكن، أمام هذا الزخم التمويلي والتقني، يقف حاجز الإجراءات والاعتراضات البيئية كعقبة قد تعيد المشروع إلى نقطة الصفر، وتفرض على المغرب إعادة تقييم رهاناته الاستراتيجية في تصدير الطاقة نحو الشمال الأوروبي.