أسدل القضاء البلجيكي الستار على واحدة من أخطر شبكات تهريب الكوكايين التي تنشط بين أمريكا الجنوبية وأوروبا، وتستخدم ميناء أنفرس كنقطة عبور استراتيجية، في حين ينعم زعماؤها بحياة مترفة في دبي وطنجة.
محكمة أنفرس أدانت، مجددا، البارون البلجيكي عمر غوفرز الملقب بـ”باتشي هيمرز” وشريكه المغربي “منير” المعروف باسم “جينو”، وحكمت عليهما بـ10 و12 سنة سجنا إضافية، ما يرفع مجموع العقوبات في حقهما إلى 53 و49 سنة على التوالي.
التحقيقات كشفت أن العصابة استخدمت في سنة 2020 طريقة متطورة تسمى بـ”السويتش” لتهريب كميات ضخمة من الكوكايين. وتمثلت الخطة في تفريغ الشحنات من حاويات قادمة من أمريكا الجنوبية إلى حاويات أوروبية لتفادي المراقبة الجمركية.
وقد نجحوا في تمرير شحنتين بلغتا 850 و300 كيلوغرام من الكوكايين، بينما تم حجز 191 كيلوغراما من شحنة ثالثة كانت تزن في الأصل 766 كيلوغراما.
المفتاح البشري في هذه العملية كان المدعو نوفل أ، تقني تبريد يعمل في شركة بميناء أنفرس، والذي جند عددا من معارفه لتسهيل العملية مقابل مبالغ طائلة. وقد حكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذا، وهو الوحيد الذي حضر جلسات المحاكمة، فيما ظل غوفرز والبرتالي متواريين عن الأنظار، بعد أن لجآ منذ سنوات إلى العيش في دبي وطنجة.
والمثير أن نوفل حاول الدفاع عن نفسه خلال المحاكمة، مدعيا أن كل ما كسبه من أموال تمت سرقته: “وضعت كل شيء في وعاء، وتمت سرقته، لم يتبق شيء!”، لكن القاضي لم يقتنع بروايته.
أحكام قاسية وأموال مجمدة
إلى جانب الأحكام السجنية، أمرت المحكمة بمصادرة ما مجموعه 6 ملايين يورو كأرباح جنائية متحصلة من عمليات التهريب، وأصدرت أوامر فورية باعتقال المتهمين الرئيسيين، رغم تواجدهما خارج البلاد.
كما تم الحكم على متهمين آخرين بعقوبات تراوحت بين 4 و6 سنوات، بينهم إلياس الح، فيما أكدت النيابة العامة أن هذا الملف يعكس مدى تطور الجريمة المنظمة العابرة للحدود، التي لم تعد تكتفي بالتهريب البسيط، بل أصبحت تعتمد تقنيات ومخططات أشبه بأفلام الجاسوسية.
الاسم المستعار لعمر غوفرز، “باتشي هيمرز”، يعود لإعجابه الشديد بالمجرم البلجيكي الشهير باتريك هيمرز، الذي اشتهر بعمليات خطف وتهريب في الثمانينات. غوفرز نفسه سبق أن نجا من محاولة اغتيال في أمستردام. أما شريكه المغربي البرتالي، فكان يعيش حياة ترف في مدينة طنجة، بين الفنادق الفاخرة والاستثمارات المريبة.
لكن اليوم، تسقط هذه الإمبراطورية على وقع الأحكام القضائية، فيما تستمر عمليات التتبع الدولي لتعقب الهاربين ومصادرة أموالهم.