في ظل موجة حر خانقة اجتاحت مختلف مناطق المغرب نهاية شهر يونيو، تحولت مدينة الدار البيضاء إلى واحدة من أكثر المدن تأثرا بهذه الظاهرة الاستثنائية، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات غير معهودة، دافعة آلاف البيضاويين إلى البحث عن متنفس على سواحل المملكة شمالا وجنوبا.
منذ يوم الجمعة 27 يونيو وإلى غاية الاثنين 30 منه، عاش المغاربة على إيقاع موجة حر من نوع “الشركي”، تميزت بارتفاع كبير في درجات الحرارة وامتدت إلى مناطق شاسعة، وفق ما أكد الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بمديرية الأرصاد الجوية. ووصلت درجة الحرارة في الدار البيضاء يوم الأحد إلى 40.5 درجة مئوية، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل سنة 2011، في مشهد نادر الحدوث بالنسبة لمدينة اعتاد سكانها نسيم الأطلسي المعتدل.
الموجة لم تقتصر على العاصمة الاقتصادية، بل شملت أيضا مدنا ساحلية اعتادت على تلطيف الأجواء، مثل الجديدة والصويرة، حيث سجلت درجات حرارة فاقت المعدلات الموسمية بأكثر من عشر درجات. تأثير رياح “الشركي” الجافة أدى إلى تقهقر الدور التبريدي للمحيط الأطلسي، ما زاد من معاناة السكان.
طنجة، الحسيمة وأكادير تتحول لملاذ آمن
أمام هذا الوضع، لجأ الآلاف من سكان الدار البيضاء إلى شواطئ الجهة الممتدة من عين الذئاب إلى بوزنيقة، في محاولة للفرار من لفحات الحرارة الملتهبة. إلا أن الازدحام وارتفاع درجات الحرارة حتى قرب الساحل دفع كثيرين إلى السفر خارج المدينة، خاصة نحو الشمال. طنجة، تطوان، الحسيمة والناظور تحولت إلى وجهات مفضلة، بفضل الأجواء المعتدلة ونسائم البحر الأبيض المتوسط التي تخفف من تأثير الموجة.
وفي الاتجاه المعاكس، فضل البعض التوجه جنوبا نحو أكادير، المدينة التي حافظت على طقس أكثر اعتدالا، وجمعت بين البحر والنشاط السياحي، ما جعلها خيارا مثاليا للهروب من الحرارة القياسية التي تضرب وسط المملكة.
وكانت مدن مثل بنجرير، سيدي سليمان، مراكش وتارودانت قد شهدت بدورها أرقاما قياسية تجاوزت 46 درجة مئوية، حيث وصلت الحرارة في سيدي سليمان إلى 47.7 درجة، ما يعكس حجم التحول المناخي الذي تعرفه البلاد.
وتتوقع مصالح الأرصاد الجوية أن يبدأ الانخفاض التدريجي في درجات الحرارة انطلاقا من يوم الثلاثاء، خصوصا في المناطق الساحلية والشمالية، مع استمرار الطقس الحار في السهول الداخلية وجنوب شرق المملكة، في حين ينتظر أن تتحسن الأجواء بشكل ملموس بحلول يوم الجمعة المقبل.