لم تكن بداية هذا الثلاثاء عادية داخل مستشفى الأمراض العقلية التابع للمركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال. فداخل غرفة مغلقة، مخصصة لاستقبال حالات نفسية دقيقة، وقع ما لم يكن في الحسبان: مريض يهاجم زميله بسلاح حاد ويذبحه من الوريد إلى الوريد.
الضحية، وهو نزيل يتقاسم نفس الغرفة مع الجاني، لم يكن يعلم أن رفيقه الذي يعاني من اضطرابات حادة، سيتحول في لحظة إلى قاتل. الهجوم كان مباغتا، والسلاح المستعمل غير محدد رسميا بعد، لكن الضربة التي تلقاها على مستوى العنق كانت قاتلة.
في لحظة هلع جماعي، تحرك الطاقم التمريضي نحو الغرفة التي بدأت تصرخ جدرانها برائحة الدم. تم نقل الضحية على وجه السرعة إلى مستشفى متخصص في الدار البيضاء، لكن الإصابة كانت أعمق من أن تعالج، ليفارق الحياة في الطريق، مخلفا صدمة لا تمحى.
الحادث أعاد طرح أسئلة مقلقة حول سلامة المؤسسات الصحية التي تحتضن مرضى في وضعيات نفسية حرجة. أين كانت المراقبة؟ كيف حصل النزيل على أداة حادة؟ وهل فعلا هناك شروط أمان حقيقية في مثل هذه المراكز؟
عدد من الأطر العاملة بالمؤسسة عبروا عن استيائهم الكبير مما وقع، معتبرين أن الحادث ليس نتيجة خلل فردي، بل ناتج عن ضعف المنظومة، وسوء توزيع الموارد، والنقص الكبير في طواقم المراقبة، ناهيك عن غياب تدريب خاص للتعامل مع النزلاء ذوي الخطورة العالية.
السلطات الأمنية دخلت على الخط فور وقوع الجريمة، وفتحت تحقيقا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، في حين تم تشديد الحراسة على باقي المرضى داخل الجناح نفسه، في انتظار ما ستكشفه الأبحاث.
الساكنة المحلية، بدورها، تلقت الخبر بدهشة وقلق، حيث طالب عدد من المواطنين بتحقيق شفاف، وبمراجعة شاملة للبروتوكولات الأمنية داخل مراكز الأمراض العقلية، خاصة أن هذه المؤسسات تحتضن فئات هشة يفترض أن تجد فيها الأمان، لا أن تتحول إلى فضاءات موت.