الأكثر مشاهدة

نشاط بحري غير مسبوق يربط ميناء بجاية الجزائري بميناء أشدود الإسرائيلي

طفت إلى السطح خلال الأيام الأخيرة معطيات مقلقة بخصوص نشاط بحري غير مسبوق ربط ميناء بجاية الجزائري بميناء أشدود الإسرائيلي، في خضم حالة التوتر الدولي المرتبط بعبور شحنات أسلحة إلى إسرائيل. الحدث الذي تم توثيقه من قبل منصات عالمية مختصة في تتبع تحركات السفن، يسلط الضوء على تناقض صارخ بين الخطاب الرسمي الجزائري وممارسات ميدانية باتت تطرح علامات استفهام كثيرة حول طبيعة العلاقات الفعلية بين الجزائر والدولة العبرية.

ووفق معطيات موثقة من موقعي “Vessel Finder” و”Marine Traffic”، فقد رصدت الأقمار الصناعية عبور سفينة الشحن “Captain Christos” من ميناء بجاية بتاريخ 11 أبريل 2025، قبل أن ترسو مباشرة في ميناء أشدود الإسرائيلي بتاريخ 18 من الشهر ذاته. هذه السفينة، التي ترفع العلم الليبيري وتدار على الأرجح من طرف شركة أمريكية، تتخصص في نقل البضائع السائبة مثل الفحم والحبوب، وتستخدم غالبا كحلقة وصل بين الموانئ الكبرى وتلك الأقل قدرة على استقبال سفن عملاقة.

غير أن العبور المباشر من ميناء جزائري إلى ميناء في إسرائيل يثير الاستغراب في الأوساط السياسية والاقتصادية، خاصة وأن الجزائر ترفض علانية أي شكل من أشكال التطبيع مع “الكيان الصهيوني”، وتهاجم بشدة كل من يسلك هذا المسار، وخصوصا المغرب.

- Ad -

تناقض صارخ بين الخطاب الرسمي الجزائري وممارسات ميدانية مشبوهة

المثير في الأمر أن هذا المسار البحري المشبوه يأتي تزامنا مع دعوات أممية وشعبية تطالب بوقف الدعم اللوجستي لإسرائيل، لاسيما ما يتعلق بإمدادات الأسلحة في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة. وعلى الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي حول نوع الحمولة التي كانت على متن “Captain Christos”،.. إلا أن سياق العبور وتوقيته يفتح المجال أمام احتمالات تتجاوز مجرد التبادل التجاري العادي.

وتزيد الشكوك حين يتم ربط هذا الحدث بما كشفه “مرصد التعقيد الاقتصادي” التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا،.. الذي أكد وجود علاقات تجارية بين الجزائر وإسرائيل منذ سنة 2017،.. تجاوزت قيمتها 30 مليون دولار، شملت بشكل أساسي شحنات من الهيدروجين.

ولا تقف المؤشرات عند هذا الحد،.. فقد أظهرت بيانات الأمم المتحدة الخاصة بتجارة السلع الأساسية أن الجزائر كانت تصدر لإسرائيل منتجات متنوعة منذ سنوات،.. وبقيم آخذة في التصاعد: من 9,77 مليون دولار سنة 2020 إلى أكثر من 21 مليون دولار سنة 2022،.. متجاوزة بذلك صادرات المغرب نحو إسرائيل، رغم أن الجزائر كانت تصف تطبيع الرباط مع تل أبيب بـ”الخيانة”.

المفارقة الكبرى تجلت في تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال مقابلة مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية،.. حين قال بوضوح إن الجزائر مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل “في اليوم نفسه الذي تقام فيه دولة فلسطينية”. هذا التصريح، الذي مر دون ضجيج في وسائل الإعلام المحلية،.. يعزز فرضية وجود تحولات تدريجية في الموقف الجزائري الرسمي من إسرائيل.

ومع هذه المعطيات المتواترة، تصبح التساؤلات مشروعة حول مدى مصداقية الموقف الجزائري،.. وهل نحن أمام تطبيع اقتصادي يتقدم في الخفاء،.. بينما ترفع شعارات الرفض والممانعة في العلن؟ وهل فعلا توقفت الجزائر عند شعاراتها التقليدية،.. بينما تتغير الوقائع في الكواليس؟ أسئلة تبقى مفتوحة على ضوء أرقام ووقائع يصعب تجاهلها.

مقالات ذات صلة