الأكثر مشاهدة

“هركاوة”.. لغة شعبية تكشف أزمة السلوك المدني في الحواضر المغربية

بدأ مصطلح جديد يشق طريقه في قاموس الحياة اليومية لسكان الدار البيضاء، بل أصبح جزءا من الخطاب الشعبي الذي يتردد على الألسن في كل ركن من المدينة. إنه مصطلح “هركاوة”، الذي بات يستعمل للإشارة إلى فئة من الأشخاص لا تحترم قواعد العيش المشترك وتمارس سلوكيات خارجة عن إطار التمدن، بغض النظر عن موقعهم الاجتماعي أو الاقتصادي.

ورغم أن الكلمة تحمل طابعا تهكميا، إلا أنها تكشف عن تحول اجتماعي وثقافي في نظرة السكان لبعض السلوكيات “اللامدنية”، مثل التوقف العشوائي في الطرقات، ركن السيارات فوق الأرصفة، رمي النفايات من نوافذ السيارات، تجاهل إشارات المرور، أو حتى التسبب في الفوضى داخل الفضاءات العمومية.

ما يثير الانتباه في استعمال هذا المصطلح هو عدم ارتباطه بالضرورة بالفقر أو الوضع الاجتماعي، فـ”الهركاوي” قد يكون من راكبي أفخم السيارات، كما قد يكون من مستعملي العربات اليدوية أو الدراجات الهوائية. الفيصل الوحيد في هذا التصنيف هو العقلية، وليست الثروة ولا المظهر.

- Ad -

هذا التحول في المفردات يعكس أيضا وعيا جديدا يتشكل بين المواطنين، الذين باتوا يميزون بشكل واضح بين السلوك الحضاري واللاحضاري، ويسعون – حتى وإن بطريقة غير مباشرة – إلى توجيه النقد الاجتماعي عبر السخرية والوسم اللغوي.

اللافت أن “هركاوة” ليست مجرد شتيمة، بل دعوة صريحة إلى مراجعة الذات وإلى احترام الفضاء العام، ومحاولة مجتمعية لترسيخ مفاهيم الانضباط والنظام في المدن الكبرى، وعلى رأسها العاصمة الاقتصادية التي تشهد ضغطا حضريا متزايدا.

وفي ظل غياب حملات توعوية رسمية مستمرة، يبدو أن هذا المصطلح الشعبي قد يتحول إلى أداة ضغط رمزية، تدفع المغاربة نحو سلوك مدني أكثر احتراما للغير، بعيدا عن الفوضى والأنانية والسلوكيات العبثية التي تقوض الحياة الجماعية.

مقالات ذات صلة