كشفت وثيقة فرنسية رفعت عنها السرية مؤخرا، عن تفاصيل دبلوماسية وعسكرية مثيرة للجدل، تضع تساؤلات حول الخلفيات التاريخية للصراع الإقليمي. الوثيقة، وهي عبارة عن برقية عاجلة مؤرخة في 19 سبتمبر 1962، تفيد بأن ضابطا في جيش التحرير الوطني الجزائري أجرى اتصالات سرية مع السلطات الإسبانية في منطقة تندوف، وذلك بعد شهرين فقط من استقلال الجزائر.
وتظهر معطيات الوثيقة أن ضابطا جزائريا، على رأس دورية مسلحة، توجه إلى موقع عسكري إسباني في منطقة المحبس بالصحراء الغربية المغربية التي كانت آنذاك تحت الاحتلال الإسباني، وطلب إقامة “علاقات ودية” وتبادل منتظم للمعلومات السرية، إضافة إلى القيام بدوريات مشتركة مع الجانب الإسباني في القطاع الحدودي لتندوف.
يأتي هذا الكشف في وقت يتصاعد فيه الجدل حول تاريخ المنطقة، خاصة مع التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري التي اعتبر فيها “حرب الرمال” اعتداء مغربيا. وتكشف هذه الوثيقة أن الاتصالات الجزائرية الإسبانية التي ترقى إلى التآمر والخيانة لدماء شهداء جيش التحرير المغربي الذي كان يناضل من أجل تحرير الأراضي المغربية، حدثت سنة كاملة قبل اندلاع “حرب الرمال”، مما يعطي بعدا جديدا للصراع الذي كان قائما في تلك الفترة.
ويستنتج من هذه المعطيات أن الجزائر كانت تسعى لتثبيت نفوذها في المناطق الحدودية الشرقية للمغرب،.. من خلال التنسيق مع القوة الاستعمارية الإسبانية،.. وذلك في الوقت الذي كان فيه جيش التحرير المغربي يخوض معاركه ضد المحتل الإسباني،.. وكانت الدبلوماسية المغربية تدافع في المحافل الدولية عن قضية استكمال وحدة ترابها.
وتشير الوثيقة إلى أن هذه الاتصالات تمت قبل أن تتسلم الجزائر السيطرة على تندوف والصحراء الشرقية من فرنسا بشكل رسمي. وتكشف عن استراتيجية مبكرة للقيادة الجزائرية في التفاوض مع القوى الاستعمارية لتحديد الحدود،.. بعيدا عن المصالح المغربية المشروعة في استرجاع أقاليمها.
