وسط توتر دبلوماسي متصاعد بين الجزائر وفرنسا، أصدرت محكمة الجنح بالدار البيضاء في العاصمة الجزائرية، يوم الخميس، حكما بالسجن خمس سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار جزائري (نحو 3500 يورو) في حق الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال. القرار يأتي بعد أشهر من الجدل الذي رافق اعتقاله في نونبر الماضي، بسبب تصريحات إعلامية اعتبرت “مسيئة لوحدة الوطن”، وأخرى تمس بمؤسسات الدولة وتضر بالاقتصاد الوطني.
الكاتب، الذي نقل إلى المحكمة بشكل مفاجئ الخميس المنصرم، واجه لائحة تهم ثقيلة من بينها المساس بالوحدة الوطنية، إهانة هيئة نظامية، وحيازة منشورات تهدد الأمن والاستقرار، كما طالب وكيل الجمهورية بتوقيع عقوبة أشد تصل إلى عشر سنوات سجنا وغرامة بمليون دينار. وخلال المحاكمة، ظهر صنصال في صحة جيدة، ودافع عن نفسه دون الاستعانة بمحام، مؤكدا أن تصريحاته مجرد “رأي شخصي” لا ينوي به إهانة أو تهديد الدولة.
تصريحاته المثيرة التي أدلى بها لقناة فرنسية يمينية، وشكك فيها في شرعية الحدود الجزائرية مذكرا بحقيقة تاريخية مفادها أن جزءا من التراب الجزائري يعود للمغرب، فجرت موجة غضب محلية، ودفعت بالسلطات إلى متابعته بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي تصنف بعض الأفعال كأعمال إرهابية تمس أمن الدولة.
في المقابل، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه من هذه القضية، داعيا إلى الإفراج عن صنصال لأسباب إنسانية، ومعتبرا أن القضية لا ترقى لمستوى التهديد، بل تتعلق بـ”كاتب كبير ومريض يحتاج للعلاج”. تصريحات ماكرون أثارت حفيظة الجزائر، حيث رد الرئيس عبد المجيد تبون واصفا صنصال بـ”اللص مجهول الهوية”، ما فاقم الأزمة القائمة أصلا بين البلدين.
ولم تهدأ الضغوط الفرنسية في الساعات الأخيرة قبل النطق بالحكم، إذ نظم مسؤولون ووزراء فرنسيون، بينهم وزير الداخلية، وقفة تضامنية مع الكاتب في باريس، في محاولة للتأثير على مجريات القضية. ويتوقع أن تعرف المرحلة المقبلة مخرجا سياسيا أو عفوا رئاسيا محتملا، خاصة مع حديث ماكرون عن تواصله الشخصي مع الرئيس تبون بشأن الموضوع.