أقدمت السلطات الإسبانية على إزالة أعلامها من جزيرتين صغيرتين، واقعتين على مقربة من السواحل المغربية قبالة مدينة الحسيمة وبالتحديد قبالة شاطىء بادس، في تحرك يعيد إلى الواجهة واحدة من أكثر الملفات حساسية بين الرباط ومدريد.
الجزر المعروفة أيضا في الأدبيات الإسبانية باسم “جزيرة الأرض” و”جزيرة البحر”، كانت تحمل الرمزية الإسبانية منذ أزيد من عشرين سنة، حيث ظلت الأعلام الإسبانية مرفوعة فوقها كإشارة على وجود رمزي كانت مدريد متمسكة به بشدة، في مقابل رفض مغربي دائم لهذا الوضع الاستعماري القديم.
هذه المواقع البحرية الصغيرة، وإن كانت غير مأهولة بالسكان، إلا أنها اكتسبت أهمية استراتيجية على مدار العقود، خاصة منذ صيف سنة 2002، حين اندلعت أزمة دبلوماسية بين البلدين عقب إنزال وحدة من القوات البحرية الملكية المغربية على جزيرة “ليلى” القريبة، في واقعة لا تزال محفورة في الذاكرة السياسية للمنطقة.
منذ ذلك الحين، اختارت إسبانيا الحفاظ على موطئ قدم رمزي بجزر البحر الأبيض المتوسط المتنازع عليها، مع فرض قيود صارمة على الولوج إليها، بالنظر إلى موقعها الحساس القريب من الساحل المغربي، والذي يعد ذا طابع أمني ودفاعي أكثر منه مدني أو سياحي.
ومع ذلك، فإن خطوة سحب الأعلام الإسبانية من الجزيرتين تطرح أكثر من علامة استفهام. فهل نحن أمام تحول حقيقي في الموقف الإسباني؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تدبيرا إداريا ظرفيا لا يحمل في طياته أي تغير في السياسة الثابتة تجاه هذه المناطق؟
التحليلات لا تزال متضاربة، في غياب توضيح رسمي من مدريد،.. غير أن مراقبين لا يستبعدون أن تكون هذه المبادرة مرتبطة بمساعي تهدئة أوسع بين الرباط ومدريد،.. خصوصا في ظل تنامي التعاون الثنائي خلال السنوات الأخيرة في ملفات الهجرة ومكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني.