أشارت العديد من التقارير إلى أن فلاديمير بوتين يخطط لإطلاق قنبلة نووية في الفضاء، وفقا لمعلومات وكالة المخابرات الأمريكية. هذا السيناريو يبدو مخيف وخيالي في الوقت نفسه. ولكن، ماذا سيحدث إذا تم تفجير قنبلة نووية في الفضاء؟ لدينا فعليا فكرة عن النتائج، لأن الولايات المتحدة قامت بهذا في الماضي.
قام الجيش الأمريكي في الثامن من يوليوز عام 1962، بإطلاق صاروخ يحمل قنبلة اندماجية من جزيرة جونستون المرجانية في المحيط الهادئ. وعند حلول الظلام، اجتمع الناس في مناطق مختلفة لمشاهدة المشهد، توقعوا ربما رؤية انفجارا صغيرا من الضوء، مثل شهاب. لكن بدلا من ذلك، أضاءت السماء بشكل كامل، مما أدى إلى إضاءة الليل كما لو كان نهارا.
تفجّرت فوق رؤوسهم كرة عملاقة من البلازما، حيث تساقطت جزيئات من الإشعاع على الغلاف الجوي. ووفقا لتقرير نشرته إحدى الروايات في صحيفة “هيلو تريبيون هيرالد”، وصفت الحادثة بأنها “شبيهة بإطلاق شمس جديدة أضاءت لفترة قصيرة، ولكن لفترة كافية لإشعال النيران في السماء”. القنبلة المعنية هي “ستارفيش برايم”، وكانت ذات قوة 1.4 ميغا طن، مما يجعلها أقوى بـ 500 مرة من قنبلة هيروشيما. وكان هدفها دراسة تأثير القنبلة النووية في الفضاء على الغلاف الجوي للأرض.

في الواقع، يكون الفضاء مشعا بالفعل، حيث يتعرض رواد الفضاء والكائنات الحية والنباتات فيه للإشعاع الكوني. يمكن أن يكون مصدر هذا الإشعاع من النجوم البعيدة أو ظواهر فلكية غريبة، مثل النجوم الزائفة، ولكن المصدر الرئيسي والأكثر خطورة هو الشمس. ومع ذلك، فإن الغلاف الجوي الواقي – وتحديدا الغلاف المغناطيسي – يمنع وصول هذا الإشعاع إلى الحياة على الأرض. وبدلا من ذلك، يتسبب الإشعاع في اهتزاز الجزيئات في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى إنتاج أحد أروع مشاهد الطبيعة، وهو الشفق القطبي – المعروف أيضا باسم الأضواء الشمالية – التي يمكن رؤيتها في مناطق مختلفة من العالم مثل أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.
الإشعاع على الأرض وإطلاق قنبلة نووية إلى الفضاء
قد يكون للإشعاع النووي الذي يتم إنتاجه بواسطة البشر نفس التأثير، مما أضفى على قنبلة “ستارفيش برايم” والأسلحة النووية الأخرى المنفصلة عن الأرض اسما جذابا يعرف باسم “قنابل قوس قزح”. وعلى الرغم من عدم وصول الإشعاع إلى سطح الأرض، إلا أن القنابل النووية في الفضاء قد تتسبب في عواقب كارثية على الكوكب. يتمثل الهدف المفترض للاستخدام المحتمل للأسلحة النووية الروسية في تدمير الأقمار الصناعية، ولكن كيفية تحقيق ذلك بالضبط لا تزال غير معروفة.
ومع ذلك، يظل من الصعب جدا تقييد الأضرار الناتجة عن القنبلة النووية. في عام 1962، أدى الغبار المتساقط من انفجار نجم البحر الرئيسي، الذي وقع في المجال المغناطيسي للأرض، إلى تشكيل نطاق إشعاعي حول الكوكب استمر لمدة عقد. واستمر الصاروخ المعروف باسم “حزام نجم البحر” في تدمير الأقمار الصناعية بعد مرور وقت طويل من الانفجار الأول، ومن بين هذه الأقمار الصناعية كانت آرييل-1، أول قمر صناعي بريطاني، وتيلستار 1، أول قمر صناعي يبث إشارة تلفزيونية مباشرة.
يشهد الفضاء اليوم تزايدا في عدد الأقمار الصناعية، وإذا كان هناك تكون لنفس النطاق الإشعاعي بعد انفجار نووي، فإن عددا لا يحصى من الأقمار الصناعية التابعة لعدة دول ستتعرض للخطر، وليس فقط تلك التي تخضع للدولة المهاجمة.

قام عالم من مختبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو في السنوات الأخيرة، بابتكار طريقة للتخلص من هذه الأحزمة الإشعاعية. يمكن لموجات الراديو، التي تنبعث من جهاز إرسال مثبت على القمر الصناعي، أن تقوم بدفع الجسيمات المشحونة نحو الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى امتصاصها دون التسبب في أي ضرر. وفي حديثه إلى ناشيونال جيوغرافيك، أوضح مصمم الحزام، جيف ريفز: “الآن، إذا كان لديك حزام نجم البحر وتملك التكنولوجيا المناسبة في الفضاء، يمكنك التخلص من هذا الحزام في غضون أسبوعين”.
قصف القمر بالقنبلة النووية: فكرة مجنونة من زمن الحرب الباردة
كانت لدى الولايات المتحدة فكرة مثيرة خلال ذروة الحرب الباردة وسباق الفضاء – فكرة قصف القمر بالقنبلة النووية. كانت هذه المحاولة هي جزء من المنافسة الشديدة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حيث خاضوا سباقا للتفوق في ميدان الفضاء.
في إطار المشروع السري للغاية المعروف بالاسم A119، قامت الولايات المتحدة بالتخطيط لقصف القمر بواسطة قنبلة نووية،.. في محاولة لـ “تخويف” الاتحاد السوفيتي وتحقيق الأفضلية. ومع ذلك، انتشرت شائعات تفيد بأن منافسيهم السوفيت كانت لديهم خطة مماثلة تحت الاسم الرمزي E4. ولحسن الحظ، تم تأجيل كل من هذين المشروعين بسبب المخاطر الكبيرة التي كانت تفوق الفوائد المحتملة، خاصة في حالة حدوث إطلاق فاشل.
ومع ذلك، ليست الأقمار الصناعية هي الشيء الوحيد الذي يثير القلق في الفضاء. فقد تم اختبار قنبلة Starfish Prime قبل عقود من بناء محطة الفضاء الدولية (ISS)،.. ولكن تم انفجارها على نفس الارتفاع، على بعد حوالي 250 ميلا. وتعتبر روسيا جزءا حيويا من برنامج محطة الفضاء الدولية،.. حيث وافقت العام الماضي على البقاء في الشراكة حتى عام 2028 على الأقل. وهذا يشير إلى أن رواد الفضاء الروس سيظلون أيضا على متن المحطة،.. وعليهم أن يتوقعوا أن تحافظ بلادهم على سلامة المركبة الفضائية. وهناك مشكلة عالمية أخرى محتملة تتعلق بوجود الأسلحة النووية في الفضاء، وهذه المشكلة تمثل تحديا للمجتمع الدولي.
خطر نووي جديد: عواصف شمسية تهدد أنظمة الاتصالات على الأرض
أقوى انفجارات الإشعاع الشمسي قادرة على تعطيل الاتصالات على سطح الأرض،.. ويثار السؤال حول إمكانية أن يحقق سلاح نووي نفس التأثير. في عام 1859، تعرضت الأرض لأكبر عاصفة شمسية سجلت على الإطلاق،.. والمعروفة باسم حدث كارينجتون. كانت القوة الهائلة لهذه الحادثة تكفي لتسبب صدمات كهربائية لمشغلي التلغراف في ذلك الوقت. تقدمت التكنولوجيا بشكل كبير منذ ذلك الحين، ولذا ليس من الصعب تصور الضرر الذي يمكن أن يحدثه انفجار إشعاعي ذو حجم مماثل أو حتى أكبر.
وفي هذا السياق، صرح ديفيد سيبك، عالم في وكالة ناسا، خلال حديثه لـ ناشيونال جيوغرافيك: “كثير من الأشياء تعتمد اليوم على رقائق الكمبيوتر والطاقة أكثر من الحال في عام 1962”. وأضاف: “تشمل هذه الأمور منزلك، وسيارتك، ونظام الاتصالات. سيكون الوضع أكثر سوءا بكثير. وعلى غرار السحابة الإشعاعية التي تعطل مرور الأقمار الصناعية،.. سيكون من المستحيل احتواء أو استهداف الانقطاع الناجم عن تساقطات نووية في الغلاف الجوي. وبالتالي، قد يجد كل من يفجر القنبلة نفسه في الظلام أيضا”.