الأكثر مشاهدة

إلغاء نحر 5 ملايين أضحية: خطوة جنبت ارتفاع أسعار اللحوم إلى 200 درهم للكيلوغرام

وجه الملك محمد السادس، يوم 26 فبراير 2025، دعوة إلى الشعب المغربي للامتناع عن نحر الأضاحي خلال عيد الأضحى المقبل، وذلك في ظل أزمة غير مسبوقة تضرب قطاع الماشية واللحوم الحمراء بالمملكة. تأتي هذه الدعوة في سياق اقتصادي وزراعي صعب، حيث شهد القطيع الوطني انخفاضا حادا، ما أدى إلى ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم، وسط صعوبات كبيرة في إعادة تكوين القطيع بعد سنوات من الجفاف وارتفاع تكاليف العلف.

انخفاض مقلق في أعداد القطيع ونداءات استغاثة من المهنيين

بحسب معطيات وزارة الفلاحة، يتم نحر نحو 5.5 ملايين رأس من الأغنام والماعز سنويا خلال عيد الأضحى. غير أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا حادا في القطيع الوطني، خاصة منذ أزمة “كوفيد-19″، حيث تؤكد البيانات أن القطيع تقلص بنسبة 38% منذ عام 2016، نتيجة للجفاف المتكرر والارتفاع الصاروخي لأسعار العلف.

ويرى المهنيون أن الاحتفال بالعيد هذا العام، في ظل هذه الظروف، قد يكون بمثابة “انتحار” للقطاع. فقد حذر العديد من الفاعلين في المجال من كارثة محققة إذا استمر استنزاف القطيع بوتيرة مماثلة، معتبرين أن تضحية ملايين الرؤوس هذا العام ستؤدي إلى تفاقم الأزمة، وستدخل المربين في دوامة جديدة من الخسائر وارتفاع الأسعار، ما يهدد استدامة القطاع برمته.

- Ad -

قرار يحول دون ارتفاع جنوني في أسعار اللحوم

تشير التقديرات إلى أن تجنب نحر 5 ملايين رأس هذا العام قد يسهم في استقرار سوق اللحوم الحمراء، الذي يواجه بالفعل ضغوطا شديدة. فقد ارتفع سعر الكيلوغرام من لحم الغنم من 80-100 درهم ليصل إلى 120 درهما في أسواق الجملة بالدار البيضاء، بل تجاوز في بعض المناطق حاجز 150 درهما.

وبحسب الخبراء، فإن ذبح أعداد كبيرة من القطيع هذا العام كان سيدفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، تصل إلى 200 درهم للكيلوغرام الواحد، مما كان سيزيد من الضغوط على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الفئات الهشة، ويؤدي إلى مزيد من التدهور في أوضاع صغار المربين الذين يعانون أصلا من ارتفاع تكاليف العلف وتراجع وفرة القطيع.

لا يقتصر هذا القرار على الأبعاد الاقتصادية فحسب، بل يحمل بعدا اجتماعيا وروحيا عميقا. فقد أكد الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين، أن الامتناع عن الأضحية في ظل هذه الظروف الاستثنائية هو تطبيق لمبدأ “رفع الحرج” في الشريعة الإسلامية، حيث يجوز تعليق بعض الشعائر إذا كان ذلك يحقق مصلحة عامة.

ولتعزيز هذا المعطى، أعلن الملك أنه سيؤدي شعيرة الأضحية باسمه وباسم الشعب المغربي، في خطوة تعكس حرصه على الحفاظ على التقاليد الدينية دون الإضرار بالمصلحة الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة.

هذه الخطوة الملكية جاءت أيضا لتخفيف الأعباء عن الأسر المغربية، خاصة أن اقتناء أضحية العيد يعد عبئا ماليا ثقيلا على العديد من العائلات، حيث تراوحت أسعار الأضاحي العام الماضي بين 3,000 و6,000 درهم. وكان الكثير من الأسر المغربية تجد نفسها بين مطرقة الظروف الاقتصادية وسندان الالتزام الاجتماعي بنحر الأضحية.

وبهذا القرار، يشعر المغاربة بارتياح كبير، إذ لم يعد الامتناع عن الأضحية هذا العام أمرا مثيرا للإحراج الاجتماعي، كما أن الأسر لن تضطر للاستدانة أو تحمل أعباء مالية إضافية لتلبية هذا الطقس الديني.

تداعيات إيجابية وفرصة لإنقاذ القطاع

يؤكد الخبراء أن هذه الخطوة ستتيح فرصة حقيقية لإعادة تكوين القطيع الوطني، مما سيساعد على تحسين الإنتاج في المستقبل، وكبح جماح الأسعار التي باتت تؤرق المستهلكين والمربين على حد سواء.

وبينما يترقب المغاربة الأثر الفعلي لهذا القرار على سوق اللحوم، يتفق الجميع على أنه يمثل خطوة حكيمة تستند إلى رؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة، وتضع مستقبل القطاع الفلاحي والمواشي في صلب الاهتمام.

مقالات ذات صلة