يقترب الباحثون خطوة أخرى نحو تطوير تقنية إنتاج بويضات التلقيح الاصطناعي من خلايا جلد المرضى، بعد تعديل الإجراء الذي أسفر عن إنتاج النعجة “دوللي”، وهي أول حيوان ثديي مستنسخ، منذ أكثر من عقدين من الزمن.
تفتح هذه التقنية آفاقا جديدة أمام النساء المتقدمات في العمر على إنجاب أطفال يشتركون معهن في الحمض النووي الخاص بهن، ويفتح الباب أمام التغلب على أشكال شائعة من العقم الناتج عن تلف بويضات المرأة بسبب المرض أو العلاج الكيميائي للسرطان.
هذا الإجراء الثوري، الذي قد يستغرق عقودا قبل أن يكتمل ويحظى بالموافقة الإنسانية، يمكن أن يمهد الطريق أيضا للأزواج الذكور لإنجاب أطفال يحملون جيناتهم، حيث يمكن دمج الحمض النووي الذكوري في البويضة المخصبة وحملها حتى الولادة عن طريق أم بديلة.
وقال أليكسي ميخالشينكو، الباحث الرئيسي في الدراسة وهو باحث في جامعة أوريغون للصحة والعلوم في بورتلاند،.. الولايات المتحدة: “إذا تم تطبيق هذه التكنولوجيا سريريا في المستقبل، فإنها قد تحدث ثورة في مجال التلقيح الاصطناعي وتمنح الأمل للعديد من المرضى الذين يعانون من العقم، سواء بسبب المرض أو العمر أو العلاجات الكيميائية للسرطان”. يشير ميخالشينكو أيضا إلى أن “الأمشاج”، وهي خلايا الحيوانات المنوية والبويضة، ستكون في مركز هذه التقنية المبتكرة.

صرح شوخرات ميتاليبوف، أحد كبار مؤلفي الدراسة، بأن مختبره قضى العقدين الماضيين في تطوير حلول للخصوبة للمرضى الذين يعانون من نقص في الحيوانات المنوية أو البويضات السليمة. أوضح أن العلاجات الحالية تفرض على الأشخاص استخدام حيوانات منوية أو بويضات متبرعة، مما يؤدي إلى إنجاب أطفال غير متصلين وراثيا. أكد قائلا: “تقنيتنا ستمكن المرضى الذين يعانون من العقم من إنجاب أطفال يحملون وراثة الوالدين، وبالتالي توفير فرصة للأبوة غير المتاحة حاليا حتى مع استخدام التلقيح الاصطناعي”.
إنجاب أطفال يحملون جينات الوالدين دون الحاجة إلى متبرعين
تعمل فرق علماء في جميع أنحاء العالم على استكشاف عدة وسائل لتوليد بويضات وحيوانات منوية في المختبر. في العام الماضي، قام باحثون يابانيون بتكوين بويضات باستخدام خلايا جلدية لفئران الذكور،.. ما أدى إلى ولادة صغار الفئران من أبوين. وتهدف الفرق الأخرى إلى إنتاج حيوانات منوية وبويضات من خلايا جذعية جنينية، التي تعد قادرة على تشكيل أي نسيج في الجسم.
على الرغم من حظر استخدام الحيوانات المنوية والبويضات الاصطناعية في العديد من البلدان، بما في ذلك المملكة المتحدة، قد يشجع التقدم المستمر في السنوات القادمة على إعادة النظر في هذه القوانين إذا ثبتت الإجراءات أمانا وفعالية.
أُجريت أحدث التجارب، التي نشرت في مجلة Science Advances،.. على فئران باستخدام نهج مختلف وأسرع لإنتاج بويضات التلقيح الصناعي. يبدأ الباحثون بالبويضة المتبرع بها ويقومون بإزالة نواتها،.. ثم ينتقلون إلى النواة المستخرجة من خلية جلد الفأر. بعد ذلك، يتم زراعة البويضة بطريقة تتخلص بشكل طبيعي من نصف كروموسوماتها. تحمل هذه الخطوة الحاسمة أهمية كبيرة لضمان أن تحتوي البويضة على العدد الصحيح من الكروموسومات،.. نصفها من كل والدين، بمجرد تخصيبها بالحيوانات المنوية. وفي تعليقه على العملية، قال الباحث ميخالشينكو: “يمكن إعداد البويضة باستخدام طريقتنا في غضون ساعتين إلى ثلاث ساعات”.
تقنية جديدة لإنتاج بويضات التلقيح الاصطناعي: تحديات أخلاقية وقانونية
تم إنشاء النعجة “دوللي” في عام 1996 باستخدام عملية مماثلة تعرف باسم النقل النووي للخلايا الجسدية، أو SCNT. حيث تم استخراج النواة من خلية غدة ثديية لنعجة فين دورست ودمجها مع بويضة،.. مما أدى إلى إنتاج جنين يحمل كل الحمض النووي للنعجة.
أعلن فريق البحث الخاص بميتاليبوف في عام 2022 عن ولادة ثلاثة فئران حية ناتجة عن تجاربهم،.. لكن كانت نسبة النجاح أقل من 1%. يركز الباحثون في دراستهم الأخيرة على كيفية التخلص من نصف كروموسومات البويضات،.. وهو أمر ضروري لتطورها إلى جنين سليم. وفيما يتعلق بتحسين معدل النجاح، صرح أليكسي ميخالشينكو قائلا: “هدفنا الحالي هو تعزيز معدل النجاح في كل مرحلة من مراحل العملية”.
وأشارت باولا أماتو، أستاذة أمراض النساء والتوليد، والمشاركة في الدراسة،.. إلى أن ميزة تقنية الفريق تكمن في تجنبها لفترات الاستنبات الطويلة المستخدمة في أساليب أخرى لإعادة برمجة الخلايا. وأوضحت قائلة: “على مدى عدة أشهر، يمكن أن تحدث الكثير من التغيرات الجينية والجينية الضارة”.
وفي إضافة من ميخالشينكو، أشار إلى أن التطبيقات السريرية لهذه التكنولوجيا قد لا تزال في المستقبل البعيد،.. مؤكدا أنها ستتطلب تقييما شاملا للسلامة والفعالية والجوانب الأخلاقية. وختم قائلا: “إن قدرتها على التعامل مع قضايا الخصوبة تفتح آفاقا واعدة للطب الإنجابي في المستقبل”.