بعد سنوات من الجدل القانوني والترافع، أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء حكمها في النزاع الذي شغل الرأي العام التكنولوجي والرياضي، بين مجموعة “بي إن” الإعلامية القطرية وشركة الاتصالات المغربية “إنوي”، لتنتهي الجولة الأولى من هذا الصراع القضائي برفض الدعوى التي رفعتها “بي إن”، والتي طالبت فيها بتعويض ضخم بلغت قيمته 100 مليون درهم.
وتعود تفاصيل القضية إلى سنة 2019، حين قررت المجموعة القطرية اللجوء إلى القضاء المغربي، متهمة “إنوي” بالتساهل مع ظاهرة القرصنة الرقمية، خاصة المتعلقة ببث المباريات الرياضية التي تحتكرها “بي إن” بموجب حقوق بث حصرية. واعتمدت المجموعة في دعواها على قوانين حماية الملكية الفكرية والمنافسة غير المشروعة، محمّلة “إنوي” مسؤولية التهاون في مراقبة استعمال شبكتها في نشر المحتوى المقرصن.
في المقابل، تصدى فريق الدفاع عن “إنوي”، بقيادة المحامي رشيد حلمي، لهذه الاتهامات بحجج قانونية قوية،.. ركزت على أن شركة الاتصالات ليست سوى مزود تقني للإنترنت، لا تتحكم في طبيعة البيانات التي تمر عبر بنيتها التحتية، ولا تملك الوسائل القانونية لمراقبتها دون مساس بسرية الاستخدام.
وبعد دراسة شاملة لمجريات الملف، اختارت المحكمة أن تؤسس حكمها على مبدأ “الحياد التقني”،.. مؤكدة أن دور مزود الخدمة يقتصر على توفير ولوج الإنترنت للمشتركين،.. دون أن يتحمّل تبعات ما ينقل عبر الشبكة من محتوى، في غياب إثباتات قانونية تؤكد تورطه المباشر في أعمال القرصنة.
وبناءً على ذلك، قضت المحكمة برفض مطالب “بي إن” وتحميلها تكاليف القضية،.. في حكم اعتبره متتبعون سابقة قضائية تعزز وضعية مزودي خدمة الإنترنت في المغرب،.. وتحسم الجدل حول مدى مسؤوليتهم عن المحتوى غير المشروع الذي يمر عبر شبكاتهم.
ورغم أن الحكم ابتدائي، إلا أن القرار يعد بمثابة مكسب كبير لـ “إنوي”،.. بينما تبقى مجموعة “بي إن” أمام خيار استئناف الحكم لمواصلة معركتها القضائية في مرحلة ثانية،.. قد تحمل تطورات جديدة في هذا الملف الشائك.