الأكثر مشاهدة

احتقان جديد بين الطاكسيات والتطبيقات الذكية بالدار البيضاء

لا يمر أسبوع في الدار البيضاء دون أن يطفو على السطح التوتر القائم بين سائقي سيارات الأجرة الصغيرة وبين العاملين عبر تطبيقات النقل الذكي. الخلاف، الذي طال أمده، أصبح اليوم واحدا من أبرز الإشكالات التي تؤرق العاصمة الاقتصادية، في ظل غياب حلول عملية تضع حدا للاحتكاكات المتكررة وتعيد التوازن لقطاع يعرف هشاشة متزايدة.

على مدى السنوات الأخيرة، لم يتوقف مهنيو سيارات الأجرة عن الخروج للشارع، رافعين شعارات منددة بما يصفونه بـ”المنافسة غير الشريفة”، حيث يعتبرون أن التطبيقات تشتغل خارج القانون وتحرمهم من قوتهم اليومي. ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الدخل يزيدان من حدة الأزمة، ويجعلون أي منافس جديد بمثابة تهديد وجودي لهم.

لكن في الجهة المقابلة، يعرف الإقبال على هذه التطبيقات تزايدا مستمرا، خصوصا من فئة الشباب والطلبة والموظفين، الذين يرون فيها خدمة أسرع وأكثر مرونة مقارنة بعرض الطاكسيات التقليدي. هذا التباين في المواقف جعل النقاش حول مستقبل النقل الحضري يأخذ بعدا اجتماعيا وقانونيا في آن واحد.

- Ad -

الاحتقان الميداني ترجمته وقائع كثيرة، حيث سجلت حالات اعتداء ومحاصرة استهدفت سائقين يشتغلون عبر التطبيقات بمجرد ضبطهم وهم ينقلون الركاب. هذه الوقائع عمقت الإحساس بالخطر لدى العاملين في هذا المجال وأججت من غضب مهنيي الطاكسيات.

النقابات دخلت بدورها على الخط، وفي مقدمتها النقابة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، التي وجهت مراسلات رسمية لمجلس جماعة الدار البيضاء للمطالبة بوقف الإعلانات الترويجية للتطبيقات. لكن رد المجلس، برئاسة العمدة نبيلة الرميلي، جاء مختلفا، إذ اعتبر أن مراقبة الإشهار لا تندرج ضمن صلاحياته، مستندا في ذلك إلى القانون التنظيمي رقم 113.14، وتحديدا مادته 110.

هذا الرد زاد من توتر السائقين الذين رأوا فيه تجاهلا لجوهر الأزمة، خاصة وأن الحملات الإشهارية للتطبيقات ظهرت بوضوح في شوارع المدينة وحتى خلال مباراة “الديربي البيضاوي”، كما بثت على قنوات عمومية، ما اعتبره المهنيون تشجيعا غير مباشر لمنافسة غير قانونية. وقد سبق لهم أن راسلوا والي جهة الدار البيضاء – سطات والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بخصوص هذه الخروقات.

وفي خضم هذا الوضع، أعلنت النقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة بجهة الدار البيضاء – سطات عن استعدادها لخوض خطوات احتجاجية تصعيدية، محملة السلطات كامل المسؤولية عما قد ينجم عن استمرار التجاهل. كما دعت إلى عقد جمع عام طارئ لتحديد برنامجها النضالي المقبل.

اليوم، يقف قطاع النقل الحضري بالدار البيضاء عند مفترق طرق حاسم: بين خيار الانفتاح على التطور التكنولوجي وتوسيع خدماته للمواطنين، وبين ضرورة حماية مهنة الطاكسي وضمان العدالة والإنصاف لمهنييها. وبين هذا وذاك، يبقى المواطن العادي هو الحلقة الأضعف، ينتظر خدمة آمنة وعادلة ومستدامة تنهي سنوات من الصراع المفتوح.

مقالات ذات صلة