شهدت نهاية العام الحالي تباطؤا في معدل التضخم إلى 4.3٪، وهو التطور الذي ظهر بوضوح خلال شهر أكتوبر 2023. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التباطؤ لا يعني انخفاضا في الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الغذائية التي تستمر في الارتفاع بشكل مستمر. يعزى هذا الارتفاع المستمر في أسعار المنتجات الغذائية إلى عدة عوامل، من بينها العيوب في قطاع التوزيع.
تؤكد خلاصات بعثة الاستطلاع، المكلفة بالتحقيق في توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، على أن هناك أسبابا متعددة تؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه المنتجات خلال مراحل توزيعها وتسويقها المختلفة.
تعتبر دائرة توزيع وتسويق المنتجات الزراعية من بين الأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع، حيث يمر التوزيع عبر عدة مراحل تبدأ من المستوردين وتنتهي بالمستهلكين النهائيين، وتشمل المنتجين والوسطاء وتجار الجملة والموزعين المحليين. ويتسبب هذا التعقيد والتداخل في وجود عدة وسطاء، مما يؤدي إلى تكاليف إضافية يتحملها المزارع والمستهلك.
وتشير التحقيقات أيضا إلى ضرورة التدخل لتبسيط هذه الدوائر التوزيعية المعقدة، حيث يعتبر تكاثر الوسطاء وتعقيدهم سببا رئيسيا في ارتفاع التكاليف والضغط الاقتصادي على الفلاح والمستهلك النهائي.
سوق الجملة في الدار البيضاء: تحسين التوزيع للحد من ارتفاع الأسعار
يعد التنظيم الحالي للشبكة الوطنية لتوزيع الفواكه والخضروات من العوامل الرئيسية التي تؤثر على أسعار المنتجات الزراعية في المملكة. وفقا لمصدر مسؤول، يوجد حاليا في المملكة 38 سوقا للجملة، منها 32 سوقا استهلاكيا محليا، و5 أسواق إنتاجية تشمل أحواض إنتاج مثل حوض بركان، بالإضافة إلى سوق واحد بالدار البيضاء يزود جميع مناطق المغرب.
تشير التحقيقات إلى وجود خلل في التغطية الترابية لأسواق الجملة،.. حيث يكون عددها مرتفعا في بعض المناطق ويفتقر إلى وجودها في مناطق أخرى. ويلاحظ أن بعض هذه الأسواق ما زالت في مناطق لا تشهد أي تجمعات سكنية، مما يؤثر سلبا على إنتاجها ويعيق وصول المنتجات إلى المستهلكين.
في إطار استراتيجية الجيل الأخضر، تسعى الحكومة لإنشاء 34 سوقا وطنيا،.. بما في ذلك 12 سوقا للبيع بالجملة، بهدف القضاء على التدخل الزائد للوسطاء وتحقيق توازن أكبر بين المنتجين والمستهلكين. ويعكس هذا التوجه استعداد الحكومة لمعالجة التحديات الحالية في توزيع المنتجات الزراعية وتخفيف الضغط الاقتصادي الذي يتحمله الفلاح والمستهلك.
وفي سياق آخر، عبر وزير الفلاحة عن استياءه من وجود محلات السوبر ماركت كمصدر لارتفاع الأسعار،.. وأكد على ضرورة البحث عن حلول قانونية لهذه المشكلة.
الفوضى في أسواق الجملة: نمو القطاع غير الرسمي وتحديات التسويق
تظهر التقارير أن هناك فوضى داخل أسواق الجملة ذاتها،.. مما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية. يشير مصدر مسؤول من وزارة الصناعة إلى تزايد الفوضى في سوق الجملة،.. حيث يبيع التجار منتجاتهم في الخارج، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب وانخفاض العرض،.. وبالتالي ارتفاع أسعار المستهلك.
في هذا السياق، يظهر أن أسواق الجملة يتم تفويضها إلى وكلاء يفترض أن يديروا ويسوقوا المنتجات الزراعية. ومع ذلك، ثبت أن هذا النظام ليس فعالا على أرض الواقع، حيث يضطر التجار والمنتجون إلى دفع ضريبة تبلغ 7% على الوزن الإجمالي لبضائعهم دون الحصول على أي خدمة مقابل ذلك. ونتيجة لذلك، يفضلون البيع في الخارج لتحقيق هوامش ربح أفضل وتقليل التكاليف،.. مما يؤدي إلى أن 70% من المنتجات الزراعية تباع خارج أسواق الجملة.