الإعلام العمومي: شريك في إخفاقات الرياضة المغربية

من المتوقع أن يكون الإعلام العمومي عنصرا أساسيا في تعزيز وتطوير الرياضة في أي بلد، من خلال تقديم النقد البناء والتحليل الموضوعي الذي يسهم في تحسين الأداء الرياضي. لكن في المغرب، يبدو أن الإعلام العمومي لا يفي بهذا الدور كما ينبغي، إذ يقتصر عمله في كثير من الأحيان على الترويج للمكاسب المحدودة بشكل مبالغ فيه، مع تجاهل كبير للإخفاقات التي تشوب المسار الرياضي.

تشير التجارب الأخيرة إلى أن الإعلام المغربي يركز بشكل مفرط على الانتصارات القليلة التي تحققها الرياضة الوطنية، مثل فوز المنتخب الوطني لكرة القدم بالميدالية البرونزية، أو تألق البطل سفيان البقالي الذي أحرز ذهبية ثانية على التوالي. صحيح أن هذه الإنجازات تستحق الاحتفاء والتقدير، إلا أن تسليط الضوء المكثف عليها يجب ألا يحجب حقيقة أن هناك مجالات أخرى تتطلب تدخلا حقيقيا لتصحيح مسارها.

الإعلام العمومي وتجاهل الإخفاقات المتكررة

فعلى سبيل المثال، في مجال ألعاب القوى، حيث تحقق المغرب ميدالية ذهبية واحدة فقط بفضل جهود فردية لبطل استثنائي،.. يظل هناك غموض حول كيفية معالجة الإخفاقات المتكررة في هذا المجال وغيره من التخصصات الرياضية. إن تجاهل الإعلام لهذه الإخفاقات وعدم تقديم تحليلات نقدية حول أسبابها يؤدي إلى عدم القدرة على تحسين الأداء المستقبلي،.. ويضعف قدرة الرياضة الوطنية على التقدم والتميز.

إقرأ أيضا: ميدي 1 تحت راية الشركة الوطنية: تحالف جديد لتعزيز التنافسية في المجال السمعي البصري

المؤسف أن تعامل الإعلام العمومي مع هذه المسائل يعكس غيابا واضحا للرؤية النقدية والموضوعية. ففي الوقت الذي تتبنى فيه دول أخرى سياسات إعلامية تركز على النقد البناء والبحث عن حلول،.. يظل إعلامنا العمومي أسيرا لنمط الترويج المبالغ فيه الذي لا يسهم في تطوير الرياضة بشكل فعلي. إن التغافل عن الإخفاقات وعدم تقديم تقارير موضوعية حول الأداء الرياضي يجعلنا نعيش حالة من الخيبة والقلق من المستقبل،.. ويعزز من الشعور بالغيرة من نجاحات الدول الأخرى التي تلعب فيها وسائل الإعلام دورا حيويا في تقييم وتحسين الأداء.

من الضروري أن يتغير النهج الذي يتبعه الإعلام العمومي المغربي، وأن يتحمل مسؤولياته بشكل أكبر. يجب على وسائل الإعلام أن تتبنى سياسة نقدية بناءة، تتضمن تشخيصا دقيقا للإخفاقات وتقديم اقتراحات واقعية لتحسين الأداء. تجاهل المشكلات وإبراز النجاحات بشكل مبالغ فيه لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشاكل،.. ويزيد من معاناة الرياضيين والمواطنين على حد سواء.