في تصعيد مفاجئ للعلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، قررت المفوضية الأوروبية إنهاء جولة المشاورات التي لم تعمر طويلا مع السلطات الجزائرية، معلنة فتح باب التحكيم في إطار اتفاقية الشراكة، وذلك على خلفية ما اعتبرته “قيودا تجارية واستثمارية لا تتماشى مع بنود الاتفاق”.
هذا القرار أثار دهشة واستياء الحكومة الجزائرية، التي سارع وزير خارجيتها، أحمد عطاف، إلى توجيه رسالة رسمية إلى كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، داعيا فيها إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الشراكة في أقرب الآجال.
الرسالة الجزائرية حملت في طياتها اتهامات ضمنية للطرف الأوروبي بالتسرع وخرق بنود الاتفاق، خصوصا المادتين 92 و100، مشيرة إلى أن ستة من أصل ثمانية ملفات خلافية كانت في طور التسوية، بينما قدمت الجزائر مقترحات بخصوص الملفين المتبقيين دون أن تتلقى أي رد من الجانب الأوروبي.
جدير بالذكر أن التحرك الأوروبي ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتراكمات سابقة، من أبرزها الخلافات التي تفجرت سنة 2024 بسبب القيود التجارية الجزائرية، فضلا عن تأثيرات أزمة أوكرانيا وتحالف الجزائر مع موسكو، وفق ما تروج له وسائل الإعلام الرسمية.
مراقبون يعتقدون أن أوروبا تعمدت تسريع مسطرة التحكيم لتضع الجزائر أمام واقع جديد،.. يجعل من اتفاق الشراكة أداة ضغط وليست مجالا للمناورة. واعتبروا أن هذا التصعيد سيفقد الجزائر وزنها التفاوضي التقليدي القائم على ورقة الطاقة، ويعزلها أكثر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويؤكد خبراء أن النظام الاقتصادي الجزائري لا يتماشى مع متطلبات شراكة حقيقية،.. منوهين إلى أن انفتاحا غير مشروط على السوق الأوروبية قد يعجل بانهيار اقتصادي داخلي،.. بحكم غياب التنويع وسيطرة المحروقات على الاقتصاد الوطني.