مع تفاقم أزمة الجفاف وتحوله إلى واقع هيكلي يواجهه المغرب، اتخذت المملكة خطوات جادة نحو تعزيز مواردها المائية عبر تنويع استراتيجياتها. من بين هذه الاستراتيجيات، برزت تقنية الاستمطار الصناعي كأداة واعدة لزيادة هطول الأمطار، حيث تعتمد على تلقيح السحب لتحفيز تساقط الأمطار.
هذه التقنية ليست جديدة على المغرب، إذ تعود بداياتها إلى ثمانينيات القرن الماضي مع إطلاق برنامج “الغيث”. ورغم مرور عقود على تبني هذه التقنية، إلا أنها لم تخل من الجدل،.. خاصة في المناطق المجاورة كجنوب إسبانيا، وسبتة ومليلية المحتلتين. وفقا لتقرير نشرته صحيفة “إلتيمبو” الإسبانية، أبدت بعض الأطراف في هذه المناطق تحفظاتها حيال استخدام المغرب لهذه التقنية،.. مشيرة إلى مخاوف من التأثيرات غير المتوقعة التي قد تترتب على المناخ في المنطقة ككل.
أشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المغربية خصصت في السنة الماضية حوالي 10 ملايين يورو لدعم مشاريع تلقيح السحب،.. مما يعكس جدية المملكة في تعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المناخية. ومع ذلك، حذرت الصحيفة من أن هذه الجهود قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة مثل الفيضانات المفاجئة في مناطق غير معتادة على تساقط الأمطار الغزيرة،.. أو على العكس، قد تسبب حالات جفاف غير متوقعة.
في المقابل، رد خبراء المناخ على هذه التحفظات، مشيرين إلى أن المخاوف المطروحة من قبل الصحيفة الإسبانية تفتقر إلى الأسس العلمية القوية أو الأدلة التاريخية الداعمة. وأكدوا أن تأثير تقنية الاستمطار الصناعي يظل محدودا جدا، وبالتالي فإن احتمالية تسببها في فيضانات أو تغييرات مناخية جوهرية في المنطقة هو أمر بعيد الاحتمال. ويضيف هؤلاء الخبراء أن المملكة قد قامت بتقييم شامل لمخاطر وفوائد هذه التقنية قبل اعتمادها.
ومع ذلك، لم يفوت الخبراء الفرصة للتأكيد على ضرورة النظر في بدائل أخرى لتعزيز الأمن المائي في المغرب. فقد أشاروا إلى أن الاستمطار الصناعي، رغم فوائده المحتملة، يظل محدود الفعالية في مواجهة التحديات المائية المتزايدة. لذلك، يرون أن المملكة بحاجة إلى استكشاف حلول أخرى، ربما أكثر استدامة وفعالية على المدى الطويل.