الأكثر مشاهدة

التشرميل داخل الأسرة.. عنف منزلي يتخفى خلف الزواج والطلاق

في قصة العنف المسكوت عنه داخل المجتمع، خرجت إيمان، شابة في ربيعها الخامس والعشرين وأم لطفل صغير من مدينة تازة، لتكشف تفاصيل ليلة تحولت فيها حياتها إلى كابوس دائم. لم يكن الأمر مجرد خلاف زوجي عابر، بل اعتداء وحشي بالسلاح الأبيض خطف ملامح وجهها، وتركها تحمل ندوبا لا تمحوها العمليات الجراحية ولا تسعفها الكلمات.

إيمان، التي تجرأت على كسر جدار الصمت وسرد محنتها أمام الإعلام، روت كيف تحولت علاقتها بطليقها من محاولة “إصلاح” إلى دوامة عنف متكرر. تنازلت في البداية عن حقها القضائي أملا في حماية مستقبل ابنها، فوجدت نفسها تدفع الثمن غاليا: سنوات من التهديد والضرب انتهت بمحاولة قتل علنية، وبتشويه وجهها من الفم حتى الأذنين، أمام ذهول المارة وصراخ والدتها.

ورغم أن الشرطة تدخلت مرارا، إلا أن بطء الإجراءات وجرأة المعتدي جعلا إيمان تدفع وحدها ثمن الثغرات القانونية والإجرائية. تقول، وهي بالكاد تتمالك دموعها، إنها لم تعد تجرؤ على النظر إلى المرآة، وإن طفلها يرفض النوم بجانبها بعدما صار يخاف من ندوبها، فيما تفكر هي في وضع حد لحياتها كلما واجهت انعكاس وجهها في أعين الآخرين.

- Ad -

لكن صوتها لم يكن نداء شخصيا فقط، بل صرخة استغاثة موجهة إلى العدالة، إلى الجمعيات الحقوقية، وإلى الملك محمد السادس نفسه: “لا أريد مالا.. فقط أن يعود وجهي كما كان، ولو قليلا”.

هذه الصرخة تفتح جرحا مجتمعيا أوسع: العنف ضد النساء في المغرب، رغم وجود قوانين رادعة، ما زال يتغذى من ثقافة الصمت، ومن تردد الضحايا في التبليغ، ومن عجز المؤسسات عن التدخل الوقائي الفوري.

قانون 103.13 لمحاربة العنف ضد النساء، الذي دخل حيز التنفيذ منذ 2018، شدد العقوبات على المعتدين، خصوصا في حالات التشويه العمد أو العنف داخل الأسرة. ومع ذلك، تشير الأرقام الرسمية إلى أن أكثر من نصف المغربيات ما بين 18 و64 سنة تعرضن لشكل من أشكال العنف، وأن أزيد من 20 ألف قضية عرضت أمام المحاكم في عام واحد فقط، معظمها يتعلق بعنف جسدي ونفسي يمارس في إطار العلاقة الزوجية.

جمعيات نسائية وحقوقية ترى أن قضية إيمان تكشف ثغرات التطبيق العملي للقانون: بطء المساطر، غياب مراكز حماية عاجلة للنساء في وضعية خطر، وضعف المراقبة على المعتدين بعد الإفراج أو حتى داخل السجون، حيث يواصل بعضهم تهديد ضحاياهم عبر الهاتف أو الوسطاء.

مقالات ذات صلة