عندما نضع الأرقام على الطاولة، تبدو المفارقة صارخة: المغرب لا يقف متأخرا على مستوى الإنفاق على الصحة والتعليم، بل يتفوق على قوى إقليمية ودولية. غير أن الواقع اليومي للمغاربة يطرح سؤالا ملحا: أين يكمن الخلل؟
حسب معطيات البنك الدولي لسنة 2023، خصص المغرب 5.68% من ناتجه الوطني للصحة، متقدما على دول كبرى مثل الصين (5.37%) وسنغافورة (4.90%)، وعلى بلدان عربية غنية مثل الإمارات (4.70%) والسعودية (4.62%) وقطر (2.18%). عربيا، لا يسبقه سوى تونس ولبنان.
أما في مجال التعليم، فالمملكة تنفق 6% من ناتجها القومي، لتتفوق على الجزائر (5.6%) والبرازيل (5.5%)، وحتى على فرنسا والولايات المتحدة والدنمارك (5.4%)، بالإضافة إلى أستراليا وهولندا وسويسرا وكوريا الجنوبية (5%).
ميزانية سنة 2025 وحدها تكشف الحجم: 32.6 مليار درهم للصحة (+1.9 مليار مقارنة بـ2024) و85.6 مليار درهم للتعليم (+11 مليار مقارنة بـ2024). أي ما مجموعه 107.2 مليار درهم سنويا موجهة لهذين القطاعين الحيويين. وعلى المدى المتوسط، حتى سنة 2030، سيتجاوز مجموع ما سينفق إلى 600 مليار درهم.
في المقابل، رصدت الدولة 20.5 مليار درهم لتأهيل الملاعب استعدادا لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وهو ما يمثل فقط 3.7% من حجم الإنفاق المتوقع على الصحة والتعليم.
هذه الأرقام تفند المقولة السائدة بأن المشكلة في قلة الأموال. فالمغرب يصرف نسبا معتبرة بل وأعلى من دول ذات أنظمة تعليمية وصحية متقدمة. لكن مع ذلك، يظل المواطن يشتكي من اكتظاظ المستشفيات، ضعف البنية التحتية، وتراجع جودة التعليم.
السؤال الجوهري الذي تفرضه هذه المعطيات: إذا لم يكن الخلل في حجم الموارد، فهل هو في طريقة تدبيرها، في الحكامة، أم في أولويات السياسات العمومية؟