أثار النظام الجزائري ضجة إعلامية كبيرة على خلفية المناورات العسكرية المشتركة المقررة بين المغرب وفرنسا تحت اسم “شرگي 2025″، والتي من المقرر إجراؤها في مدينة الرشيدية وسط المملكة في سبتمبر المقبل. ورغم أن هذه المناورات كانت مبرمجة منذ فترة طويلة، وليست المرة الأولى التي تجرى مع فرنسا وبنفس الإسم “شرگي 2022″، فإن الجزائر لم تفوت الفرصة لإدانتها واعتبارها “استفزازا” لها، في الوقت الذي تواصل فيه تعزيز تداريبها العسكرية، سواء مع روسيا أو بشكل منفرد، بالقرب من الحدود المغربية.
ويبدو أن الجزائر لم تقتصر على انتقاد المناورات، بل تجاوزت ذلك لتعتبر تسمية العملية نفسها “شرگي” بمثابة استفزاز يحمل رسائل غير مباشرة، مشيرة إلى الموقع الجغرافي الذي ستقام فيه التدريبات، الذي لا يبعد عن الحدود الجزائرية سوى 211 كيلومترا، وهو ما وصفته الجزائر في بيانها بأنه “عمل استفزازي ضدها”. هذه التصريحات تأتي في وقت حساس بالنسبة للعلاقات الجزائرية الفرنسية، التي تشهد توترات ملحوظة.
الجزائر تهاجم “شرگي 2025”: هل أصبحت مناورات عسكرية ذريعة لتصعيد الأزمة مع فرنسا
لكن التساؤل المطروح هنا هو: لماذا تثير هذه المناورات هذا الكم من الاستياء لدى الجزائر،.. رغم أن التدريبات العسكرية المشتركة بين المغرب وفرنسا ليست جديدة؟ ففي السنوات الأخيرة،.. أجريت عدة مناورات بين البلدين، مثل تمرين “العقرب” في ديسمبر 2024، وتمرين آخر في أوكايمدن في أكتوبر من نفس العام، دون أن تثير ردود فعل مماثلة.
وفي ظل هذه التوترات، يبدو أن الجزائر تحاول تحويل الأنظار عن القضايا الحقيقية التي توتر علاقتها مع باريس،.. مثل الاعتقالات التعسفية للكتاب والمفكرين الجزائريين،.. ورفض استقبال المهاجرين الجزائريين الذين يواجهون أوامر مغادرة التراب الفرنسي. كما أن هذه التصريحات تزامنت مع حملة إعلامية شرسة في الجزائر، والتي تبنت الموقف ذاته،.. معتبرة المناورات العسكرية تهديدا مباشرا للبلاد.
من جانبها، تتمحور أهداف مناورات “شرگي 2025” حول تعزيز قدرات القوات المسلحة المغربية والفرنسية في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية، خاصة في المناطق الساحلية والصحراوية، فضلا عن التنسيق بين القوات لمكافحة الإرهاب. ولكن ردود الفعل الجزائرية قد تكون، في الواقع،.. محاولة لتغطية القضايا الداخلية الحساسة من خلال تصعيد الحديث عن تهديدات خارجية وهمية.
ويؤكد مراقبين أن هذا الهجوم الدبلوماسي الأخير على فرنسا يعد بمثابة خطوة في مسعى جزائري لتحويل الأنظار عن القضايا الداخلية التي تثير السخط الشعبي،.. خصوصا في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الصعب في الجزائر. كما أن محاولة تسليط الضوء على مناورات عسكرية مع المغرب قد تكون بمثابة “ورقة توت” جديدة لتغطية الأزمات المستمرة.