الأكثر مشاهدة

الحكم الذاتي المغربي يُنتصر له في مجلس الأمن.. والعالم يغلق آخر ملف مفتعل بإفريقيا

في أجواء مشحونة بالترقب الدولي، تدخل قضية الصحراء المغربية ساعاتها الحاسمة داخل أروقة مجلس الأمن، حيث يرتقب أن يصوت الأعضاء على مشروع القرار الأمريكي الجديد الذي يكرس، لأول مرة بهذا الوضوح، مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي ونهائي للنزاع الممتد منذ نصف قرن.

القرار المنتظر، الذي من المقرر التصويت عليه يوم الجمعة المقبل، لا يحمل فقط دلالات سياسية، بل يمثل منعرجا تاريخيا في مسار النزاع، إذ يعني تبنيه رسميًا أن المنتظم الدولي يعترف عمليا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو ما سيضعف الطرح الانفصالي ويقلص من هامش المناورة لدى الجزائر.

واشنطن تغلق باب الغموض

المعطيات التي تسربت من الكواليس الدبلوماسية تكشف عن رغبة أمريكية حاسمة في إنهاء الصراع المغاربي عبر فرض تسوية سياسية عاجلة، دون فسح المجال لأي تأجيل جديد. إدارة الرئيس دونالد ترامب، حسب ما أكده المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف في برنامج “60 دقيقة” على شبكة CBS، تعمل على “تثبيت اتفاق سلام شامل” بين المغرب والجزائر خلال أجل لا يتجاوز ستين يوما، في إطار ما وصفه بـ”عدوى السلام” التي تجتاح المنطقة.

- Ad -

تصريحات ويتكوف عززها مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، في مقابلة حديثة مع قناة “سكاي نيوز عربية”، حين شدد على أن واشنطن ترى في حل ملف الصحراء المدخل الطبيعي لإنهاء التوتر بين البلدين المغاربيين، مؤكدا أن القرار الأممي المرتقب سيكون “استحقاقا مصيريا” بعد خمسين سنة من الصراع.

الاعتراف الأمريكي.. لا تراجع بعد اليوم

من الواضح أن الموقف الأمريكي لم يتغير منذ إعلان ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه نهاية 2020، بل تعزز أكثر. فالإدارة الحالية تعمل، بحسب بولس، على “التنفيذ الميداني” لهذا الاعتراف، سواء عبر دعم اقتصادي مباشر أو من خلال فتح القنصلية الأمريكية في الداخلة قبل نهاية الولاية الرئاسية الحالية.

كما سبق لنائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لانداو أن كشف في نيويورك، عقب اجتماعه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عن خطة أمريكية لتشجيع الاستثمارات في الأقاليم الجنوبية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، وهو مؤشر على انتقال واشنطن من مرحلة التصريحات إلى الفعل.

الجزائر في عزلة دولية

في المقابل، تبدو الجزائر ومعها جبهة “البوليساريو” أمام مأزق سياسي حقيقي. فبينما تسعى واشنطن وباريس ولندن إلى إغلاق هذا الملف نهائيًا، لا تزال القيادة الجزائرية تراهن على خطاب “تقرير المصير” الذي فقد بريقه داخل المنتظم الدولي. غير أن أخطر ما يهددها اليوم هو المسار التشريعي الأمريكي الذي يسعى لتصنيف “البوليساريو” كمنظمة إرهابية بسبب علاقاتها مع روسيا وإيران و”حزب الله”.

هذا المقترح الذي أودعه عضوا الكونغرس جو ويلسون وجيمي بانيتا في يونيو الماضي، إذا ما تحول إلى قانون، فسيعني رسميا أن الجزائر تعتبر دولة راعية للإرهاب، مما سيجعل تعاملها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.

بين ضغوط واشنطن وتغير موازين القوة داخل مجلس الأمن، يتجه ملف الصحراء إلى نهاية تكتب بحبر مغربي، تكرس السيادة وتقفل باب المزايدات. ومع كل المؤشرات الراهنة، يبدو أن المغرب على موعد مع اعتراف أممي شامل بسيادته، فيما تجد الجزائر نفسها مضطرة لإعادة رسم استراتيجيتها الإقليمية في زمن لم يعد يحتمل ترف المواقف الرمادية.

مقالات ذات صلة