تستعد الساحة السياسية المغربية لاستقبال خريف ساخن عنوانه العريض “تصفية الحسابات القانونية”، حيث يترقب الشارع والفاعلون المحليون سقوط أسماء وازنة من خارطة التسيير الجماعي، بعد أن أطلقت وزارة الداخلية إشارات قوية بوجود ملفات ثقيلة ستحال قريبا على القضاء.
فبحسب معطيات نقلتها صحيفة “الصباح”، فإن أكثر من 17 رئيس جماعة، ينتمون لأقاليم مختلفة كقلعة السراغنة، سيدي قاسم، تازة، أزيلال، بركان، كلميم، سطات، العرائش وخريبكة، يوجدون على رأس قائمة المعنيين بإجراءات توقيف فوري، تمهيدا لعزلهم النهائي بسبب خروقات جسيمة وردت في تقارير رقابية رسمية.
وتتوزع هذه التقارير بين ما أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية، وبين ما دونه المجلس الأعلى للحسابات، حيث وثقت جملة من الاختلالات المتعلقة بالتسيير الإداري والمالي، مما دفع الوزارة إلى تفعيل مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، الذي يتيح للولاة والعمال إحالة ملفات المنتخبين المخالفين مباشرة على القضاء الإداري، دون الحاجة لوساطة سلطة الوصاية.
ويهم هذا “التسونامي التأديبي” عددا من البرلمانيين الذين يتولون رئاسة مجالس منتخبة، فيما اختار بعضهم، مثل رئيس جهة بارز، التواري عن الأنظار في الآونة الأخيرة، وسط تساؤلات عن خلفيات غيابه المريب حتى عن الأنشطة الحزبية التي عادة ما يحرص على حضورها.
وبحسب نفس المصدر، فإن وزارة الداخلية منحت تعليمات صريحة لعدد من الولاة والعمال من أجل تسريع وتيرة الإحالات القضائية، خاصة في القضايا التي تتعلق بالتعمير، تدبير الأراضي الجماعية، رخص السكن، والإمضاءات الإدارية غير القانونية، وكل ما يمس بمشروعية القرارات والمقررات الجماعية.
ملفات فساد تدفع بمنتخبين كبار نحو القضاء والعزل النهائي
ويبدو أن الحملة لم تبلغ بعد ذروتها، حيث تؤكد معطيات “الصباح” أن عمليات التدقيق والتفتيش لا تزال مستمرة، بعدما نفذت المفتشية العامة نحو 50 مهمة رقابية على مستوى التراب الوطني، ركزت على الشكايات ذات الطابع المالي والإداري، وكذا الممارسات الخارجة عن القانون التي تضر بالسير العادي لمصالح المواطنين.
من جهة أخرى، فإن الأحكام القضائية المتوقعة ضد بعض المنتخبين قد لا تقتصر على العزل فقط، بل قد تترتب عنها تداعيات أكبر، كالتشطيب من اللوائح الانتخابية، وفقدان الأهلية للترشح أو تولي المهام الانتدابية مستقبلا، ما يعني إعادة تشكيل الخريطة المحلية في عدد من الأقاليم.
هذا الحراك القضائي والرقابي يأتي في سياق وطني يتسم بارتفاع منسوب التوتر المجتمعي إزاء سوء تدبير الشأن المحلي، ما يجعل من هذه الإجراءات لحظة فارقة في تقييم جدية الدولة في محاربة الفساد الانتخابي وتكريس مبادئ الحكامة.