شهدت العاصمة الاقتصادية، الدار البيضاء، اعتماد أربع اتفاقيات جديدة خلال الدورة العادية لمجلس المدينة المنعقدة يوم 7 أكتوبر الجاري، تخص مقاطعة حي الحسني، وذلك في خطوة تهدف إلى إنعاش المشاريع المحلية المتوقفة وإعادة هيكلة الفضاءات التجارية بالمنطقة.
وتأتي هذه الاتفاقيات لتضع حدا لملفات عمرت لسنوات، أبرزها مشروع سوق الولفة الجنوبي المعروف باسم “سوق دالاس”، الذي ظل عالقا لأزيد من 24 سنة، إلى جانب مشروع إنشاء سوق جماعي جديد في منطقة رياض الولفة.
سوق جماعي جديد في رياض الولفة
الاتفاقية الأولى تتعلق بتهيئة سوق “رياض الولفة”، الذي يهدف إلى تعويض المتاجر التي تم هدمها سابقا في إطار إعادة تنظيم المنطقة التجارية المعروفة باسم “سوق دالاس”.
وأوضح رئيس مقاطعة حي الحسني أن المشروع لا يخص أكشاك الخردة التي أزيلت سابقا، بل المتاجر النظامية التي هدمت ضمن عملية إعادة الهيكلة.
ويقضي المشروع ببناء سوق جماعي جديد يضم حوالي 200 محل تجاري، على مساحة تبلغ 1.821 مترا مربعا، في قطعة أرضية مسجلة تحت الرقم العقاري C/58823. وستحال ملكية هذا العقار إلى جماعة الدار البيضاء باعتبارها الجهة الحاملة للمشروع، فيما تم تكليف شركة الدار البيضاء إسكان وتجهيزات بتنفيذه كمفوض للمشروع، مقابل أتعاب محددة في 5% من الكلفة الإجمالية.
وتشمل مهام الشركة إنجاز الدراسات التقنية، والإشراف على الأشغال، وتتبع مراحل التنفيذ، إلى جانب إطلاق طلبات العروض وفق القوانين الجاري بها العمل. ويقدر الغلاف المالي المخصص لهذا المشروع بـ 20 مليون درهم، بتمويل مشترك بين جماعة الدار البيضاء والعمالة، بواقع 10 ملايين درهم لكل طرف.
إحياء مشروع سوق الولفة الجنوبي بعد 24 سنة من الجمود
أما الاتفاقيات الثلاث الأخرى فتخص مشروع سوق الولفة الجنوبي، وهو مشروع ظل متوقفا منذ ما يقارب ربع قرن، قبل أن يعرف أخيرا دفعة جديدة نحو استئناف أشغاله.
الاتفاقية الأولى جاءت كملحق تعديلي للاتفاق الأصلي الموقع في أبريل 2019، حيث تم بموجبها تكليف شركة كازا أميناجمان بإتمام أشغال البناء والتأهيل، إلى جانب تعديل بعض بنود المشروع المتعلقة بالتركيبة العامة، وجدولة التنفيذ، والتمويل.
ويتضمن المشروع إنجاز 588 محلا تجاريا على مرحلتين:
- المرحلة الأولى: إعادة تأهيل 166 محلا وبناء 221 محلا جديدا.
- المرحلة الثانية: ترميم حوالي 134 محلا قائما.
كما تشمل الاتفاقية إعداد دراسة أولية لتأهيل الواجهة الرئيسية للسوق، على أن يتم توقيع اتفاقية جديدة لاحقا لتنفيذ هذه الأشغال. وقد حددت مدة إنجاز المرحلة الثانية في 24 شهرا من تاريخ التوقيع، فيما خصصت جماعة الدار البيضاء ميزانية إضافية قدرها 13 مليون درهم تدفع قبل نهاية 2025، بعد أن كانت قد ساهمت سابقا بـ 30 مليون درهم، منها 10 ملايين في 2020 و20 مليونا في 2024.
تحديد السومة الكرائية وشروط الاستغلال
الاتفاقية الثانية الخاصة بالسوق ذاته حددت القيمة الكرائية للمحلات التجارية حسب المساحة، كالآتي:
- من 9 إلى 12 مترا مربعا: 90 درهما للمتر المربع.
- من 13 إلى 18 مترا مربعا: 85 درهما للمتر المربع.
- فوق 19 مترا مربعا: 80 درهما للمتر المربع.
أما الاتفاقية الثالثة، فهي بمثابة دفتر تحملات ينظم عملية الاستغلال، ويؤكد أن جماعة الدار البيضاء تمنح حق الاستغلال المؤقت للأشخاص الواردة أسماؤهم في اللوائح الرسمية لمقاطعة حي الحسني، شريطة أداء مساهمة مالية قدرها 35 ألف درهم موجهة لتمويل تجهيز المركز التجاري.
وسيتم توزيع المحلات عبر قرعة علنية تضمن تكافؤ الفرص بين المستفيدين، وفق معايير دقيقة، كما تشترط الاتفاقية أن تستغل المحلات حصريا في أنشطة تجارية مرخصة، دون إمكانية التنازل أو التأجير أو التفويت لأي طرف ثالث.
كما تمنع عملية إغلاق أي محل لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر دون ترخيص إداري مسبق، وذلك حفاظا على حيوية المرفق التجاري وتنظيم نشاطه بشكل دائم.
انطلاقة جديدة لأسواق حي الحسني
تمثل هذه المشاريع رهانا جديدا لجماعة الدار البيضاء ومقاطعة حي الحسني لإعادة الاعتبار للأسواق المحلية، وتحسين البنية التجارية، وإخراج مشاريع طال انتظارها إلى حيز التنفيذ، بما ينعكس إيجابا على التجار والمستهلكين على حد سواء.
فبعد سنوات من الجمود الإداري والتقني، يبدو أن روح الإصلاح بدأت تعود تدريجيا إلى هذه المنطقة الحيوية من العاصمة الاقتصادية، في خطوة تعيد الأمل لتجار طال انتظارهم لمساحات تجارية منظمة تضمن لهم الاستقرار والكرامة المهنية.