في خطوة تعد من بين الأهم في مسار تحديث البنية التجارية واللوجستية للمملكة، صادق مجلس جماعة الدار البيضاء على اتفاقية شراكة لإحداث منصة كبرى مخصصة للقطاع الفلاحي والغذائي بجهة الدار البيضاء-سطات، وهي منشأة ضخمة من المنتظر أن تضم جميع أسواق الجملة الحالية داخل المجال الترابي للدار البيضاء الكبرى، بما يفتح الباب أمام تحول جذري في أساليب التوزيع والتسويق.
مشروع استراتيجي يمتد على أكثر من 300 هكتار
المنصة الجديدة ستقام على قطعة أرضية تحمل الرقم D/2478 تقع بين جماعتي حد السوالم وساحل أولاد حريز، على مساحة تناهز 309 هكتارات من أملاك الدولة الخاصة، ستقوم جماعة الدار البيضاء باقتنائها ووضعها رهن إشارة المشروع. ويهدف هذا المجمع إلى تركيز مختلف الأنشطة المرتبطة بالتجارة الغذائية في فضاء موحد وعصري يستجيب لمعايير الجودة والشفافية.
المشروع سيتضمن فضاءات مخصصة لبيع المنتجات الفلاحية والبحرية بالجملة، ومناطق للخدمات اللوجستية والتبريد والتوزيع، إضافة إلى مكاتب بنكية وتأمينية وإدارية، فضلا عن ورشات الصيانة ووحدات لتثمين المنتجات الغذائية. كما سيضم مرافق تكميلية لتأمين انسيابية الخدمات وحسن التنظيم داخل المجمع، مما سيجعل منه قطبا حقيقيا للتجارة الغذائية الحديثة.
تقدر كلفة المرحلة الأولى من المشروع بحوالي ملياري درهم، دون احتساب ثمن العقار. وسيتوزع التمويل بين عدد من المتدخلين العموميين، من ضمنهم وزارة الداخلية (360 مليون درهم)، وزارة الفلاحة (400 مليون)، كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري (300 مليون)، وزارة التجهيز (270 مليون)، وزارة الصناعة (220 مليون)، إلى جانب مجلس جهة الدار البيضاء-سطات (150 مليون) ومجلس المدينة (300 مليون درهم).
شركة “ميدز” تتولى الإنجاز و”كازا برستاسيون” التسيير
وقد تم تكليف شركة MEDZ، التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، بإنجاز المشروع خلال مدة لا تتجاوز 36 شهرا، تشمل الدراسات التقنية وأشغال التهيئة والبناء، مع التزامها باحترام المعايير البيئية والمعمارية المنصوص عليها في دفتر التحملات. أما مرحلة التسيير فستكون من اختصاص شركة التنمية المحلية Casa Prestations، التي ستتولى تدبير المرافق وإبرام العقود مع المستغلين، باستثناء سوق الجملة للأسماك الذي ستديره الوكالة الوطنية لموانئ الصيد (ONP).
نحو إغلاق الأسواق العشوائية وتوحيد النشاط التجاري
من المنتظر أن تواكب الولاية والجهة هذا المشروع من خلال الدعم القانوني والتنظيمي والبيئي، وإغلاق الأسواق العشوائية المنتشرة حالياً في حد السوالم وساحل أولاد حريز.
وبحسب أحمد بريجة، رئيس لجنة الشؤون الحضرية بمجلس المدينة، فإن سوق الجملة للدواجن لن ينقل إلى هذه المنصة، لكنه أكد على ضرورة إيجاد بديل مناسب له لإنهاء معاناة الساكنة المجاورة بسبب الأضرار البيئية التي يسببها.
هذا المشروع الطموح لا يمثل مجرد نقل لأسواق الجملة، بل تحولا هيكليا في طريقة إدارة وتوزيع المنتجات الفلاحية والغذائية بالمغرب، بما يعزز الشفافية ويرفع من جودة الخدمات، ويجعل من جهة الدار البيضاء-سطات مركزا محوريا في منظومة الأمن الغذائي الوطني.
ميديا24 بتصرف