تشهد الطرق المغربية موجة مقلقة من الحوادث الدامية، بعدما كشفت الإحصاءات المؤقتة لحوادث السير المسجلة ما بين يناير وغشت 2025 عن وفاة 2922 شخصا، بزيادة بلغت 23,81٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وجاءت هذه الأرقام الصادمة خلال اجتماع اللجنة الدائمة للسلامة الطرقية، الذي ترأسه وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، والذي أكد أن الوضع الراهن “صعب واستثنائي” ويستدعي تدابير فورية.
وأظهرت التفاصيل أن المدن المغربية سجلت أكبر قفزة في معدلات الوفيات، بنسبة بلغت 45,6٪، نصفها تقريبا في صفوف مستعملي الدراجات النارية الخفيفة، فيما ارتفعت الحصيلة خارج المدار الحضري بنسبة 12,95٪. ولفت الوزير إلى أن واردات الدراجات، خصوصا القادمة من الصين، قفزت بشكل مهول من 121.674 وحدة سنة 2022 إلى 336.970 وحدة في 2024، 90٪ منها بدراجات تقل سعتها عن 50 سم³، وهو ما جعل الشارع المغربي يكتظ بدراجات غير مطابقة في كثير من الأحيان لمعايير السلامة.
وأشار قيوح إلى أن بعض الإجراءات السابقة، مثل اعتماد أجهزة قياس السرعة القصوى (speedometer) لمراقبة مطابقة الدراجات للمعايير، أثارت مشاكل على أرض الواقع وأرهقت فئات واسعة من المستعملين، داعيا إلى مراجعتها بما يوازن بين السلامة ومتطلبات الاستخدام.
الاجتماع ناقش كذلك مراجعة مواد قانونية مثل 111 و157 لتخفيف العقوبات على مالكي الدراجات عند تعديل المواصفات التقنية، مع اقتراح إنشاء خلية خاصة بالمراقبة في نقاط العبور، على غرار “Green Pass”، لتسهيل الاستيراد على الشركات الملتزمة بالمعايير، وتشديد الرقابة على الأنواع المقلدة أو غير المطابقة.
الأرقام الرسمية لسنة 2024 كانت قد سجلت 4024 وفاة و10.102 جريحا بليغا، بزيادة 5,37٪ و10,8٪ على التوالي، إضافة إلى 143.375 حادثة جسدية، ما يؤكد أن الأزمة متواصلة. وتشير بيانات الفترة من يناير إلى ماي 2025 إلى 1624 وفاة و4095 إصابة خطيرة، ما يضع المشاة والدراجين كأكثر الفئات هشاشة (26,54٪ من الضحايا مشاة و43,19٪ من راكبي الدراجات).
الأرقام والتوصيات المطروحة تكشف أن النزيف البشري على الطرق المغربية بلغ مستوى ينذر بالخطر، وأن معالجة هذه الأزمة لن تتحقق إلا بتضافر الجهود بين الجهات المسؤولة، وتشديد الرقابة، وتحسيس مستعملي الطريق، مع إعادة النظر في سياسات استيراد وتوزيع الدراجات النارية التي باتت عاملا رئيسيا في تفاقم هذه المأساة.