الأكثر مشاهدة

السكن اللائق بالمغرب.. حلم مؤجل بسبب البيروقراطية والتمييز في الاستفادة

في ندوة صحافية انعقدت بالرباط يوم الخميس 24 يوليوز 2025، كشف رئيس مؤسسة الوسيط، حسن طارق، عن تقرير سنوي يضيء على واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية حساسية: الحق في السكن اللائق. فالتقرير، الذي يعكس حصيلة نشاط المؤسسة لعام 2024، سلط الضوء على اختلالات هيكلية وعميقة تمس جوهر هذا الحق، رغم كثرة البرامج والمبادرات التي أطلقتها الدولة في هذا المجال.

ومن أبرز النماذج التي تم التركيز عليها: برنامج “مدن بدون صفيح”، و”السكن الاجتماعي المدعم”، إلى جانب آليات دعم التمويل العقاري. غير أن التظلمات المتزايدة التي توصلت بها المؤسسة تظهر أن الواقع لا يواكب هذه الشعارات، وأن معايير الاستفادة غير منصفة، والمساطر الإدارية مرهقة، والتفاعل الرسمي مع المواطنين ضعيف، مما يرسخ شعورا بالإقصاء واللاعدالة في أوساط اجتماعية واسعة.

اختلالات صارخة في برامج السكن والدولة مطالَبة بإصلاح عميق يحفظ كرامة المواطنين

ووفق ما ورد في التقرير، فإن جهتي الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة تسجلان أعلى نسب الشكاوى، نتيجة الإقصاء من لوائح المستفيدين رغم استيفاء الشروط، والتأخر في البت في الملفات، والتنصل من الالتزامات السابقة من طرف بعض الجهات المعنية، إضافة إلى توترات إدارية ناجمة عن سوء تدبير البرامج.

- Ad -

كما كشف التقرير عن بطء في تنفيذ عمليات إعادة الإسكان، وتضارب في المعايير بين المتدخلين، وغياب قواعد واضحة تؤطر الاستفادة. ومن مظاهر الخلل التي رصدت: حرمان حاملي شهادات الهدم من التعويض بحجة غياب الإقامة، رغم توفرهم على قرائن تثبت أحقيتهم، وتكرار الإحصاءات دون ترجمتها إلى مشاريع واقعية، ما يفرغ هذه العمليات من مضمونها ويؤدي إلى تآكل الثقة.

وركزت الوثيقة أيضا على معضلة التحصيل المالي من المواطنين دون تمكينهم من السكن، مع تأخر مقلق في استرجاع هذه المبالغ، فضلا عن إقصاء الأنشطة الاقتصادية داخل الأحياء الصفيحية من خطط الإيواء البديل، رغم ارتباطها اليومي بمعيش السكان.

وطرح التقرير إشكالا حادا آخر يتعلق بملف الدور الآيلة للسقوط، خاصة في المدن القديمة، حيث يوجد تمييز واضح بين منازل قابلة للإصلاح لم يتلق قاطنوها أي دعم، ومنازل منهارة لم تدرج ضمن مخططات الإيواء، مما عمق هشاشة الفئات المتضررة.

وشددت مؤسسة الوسيط على أن هذه التظلمات ليست مجرد شكاوى معزولة، بل هي مؤشرات صريحة على خلل في السياسات العمومية، داعية إلى مراجعة جذرية للمنظومة، تقوم على معايير شفافة موحدة، وتفاعل إداري مسؤول، وسرعة في الإنجاز، وتكافؤ في الفرص.

ويذكر أن الفصل 31 من الدستور المغربي يكرّس الحق في السكن اللائق كأحد أعمدة العدالة الاجتماعية، كما أن المغرب ملتزم دوليا باحترام هذا الحق بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، غير أن ما تكشفه التقارير الميدانية، ومن ضمنها تقرير مؤسسة الوسيط، يؤكد أن المسافة لا تزال طويلة بين ما هو منصوص عليه في الأوراق، وما يعاش في الواقع.

مقالات ذات صلة