في 17 يناير 1980، شهدت السواحل الصحراوية المغربية حادثة بحرية توترت فيها الأجواء بين المغرب وإسبانيا. الحادثة بدأت عندما اقتربت المدمرة الإسبانية “ألميرانتي فيرانديز” من سواحل الصحراء المغربية، استجابة لنداء استغاثة من قارب صيد إسباني، يدعي تعرضه للاحتجاز من قبل البحرية الملكية المغربية، وتحدث عن مصادرة المؤن المتواجدة على متنه.
تحركت المدمرة نحو موقع القارب للتحقق من الحادث، ولكنها سرعان ما فوجئت بظهور طائرة “ميراج” تابعة للقوات الجوية المغربية، التي قامت بطلعتين استطلاعيتين فوق السفينة دون أي تصعيد. ومع ذلك، في الطلعة الثالثة، أطلقت الطائرة نيران مدفعها الرشاش على المدمرة الإسبانية. رغم هذا الهجوم، لم تقم السفينة الإسبانية بالرد، واكتفى قائدها بإعلان حالة التأهب القصوى للطاقم. الحادثة ظلت طي الكتمان من قبل السلطات الإسبانية والمغربية لعدة أيام، إلى أن تم تسريبها إلى الإعلام الإسباني، مما دفع السلطات لإصدار بيان رسمي يصف الواقعة بأنها “غير مثيرة للقلق”.
إطلاق النار على قوارب سوفياتية
في ذلك الوقت، لم يمر سوى فترة قصيرة على ضم المغرب لإقليم وادي الذهب بعد انسحاب موريتانيا منه. وتزامن هذا الحدث مع شائعات حول وجود اتفاق بين موريتانيا والجزائر لتسليم الإقليم لجبهة البوليساريو، في محاولة لإضفاء شرعية على مشروعهم الانفصالي. إلا أن المغرب تصدى لهذه المحاولات بحزم، وأفشل المخطط بعد تحقيق نصر حاسم في معركة “بئر أنزران” التي دمرت فيها القوات المغربية مجموعات كبيرة من مرتزقة البوليساريو، حيث تم قتل 500 من المرتزقة وأسر 100 آخرين.
مع هذا النصر، فرض المغرب سيطرته الكاملة على الإقليم، لكن ردود الفعل الدولية كانت متباينة. بعض الدول، بما في ذلك إسبانيا والاتحاد السوفيتي،.. أرسلت قوارب صيد إلى سواحل وادي الذهب في محاولة لاختبار قدرة المغرب على فرض سيادته البحرية. في حادثة مشابهة في فبراير 1981، أرسلت البحرية السوفيتية أربعة قوارب صيد إلى المياه المغربية،.. مما دفع البحرية الملكية إلى التدخل وإطلاق النار على القوارب، مما أدى إلى وفاة بحار سوفيتي واحتجاز بقية الطاقم. هذا الحادث دفع الاتحاد السوفيتي إلى التفاوض ودفع غرامة للمغرب لاستعادة قواربه.
أظهرت هذه الأحداث أن المغرب كان مستعدا لفرض سيادته الكاملة على مياه الصحراء ومواجهة أي تدخل أجنبي،.. رغم الضغوط الدولية التي حاولت التشكيك في شرعية سيطرته.