في ظل منافسة إقليمية شرسة على جذب الاستثمارات، تواصل الدار البيضاء ترسيخ مكانتها كمركز مالي صاعد في إفريقيا، مدعومة بزخم متصاعد تقوده “القطب المالي للدار البيضاء” (Casablanca Finance City)، الذي أعلن عن نتائج مشجعة خلال النصف الأول من سنة 2025، ترجمت بانضمام 32 مؤسسة جديدة إلى منظومته.
المعطى، الذي ورد في التقرير نصف السنوي للهيئة، يؤشر إلى تنامي جاذبية المنصة المالية المغربية، حيث بلغ إجمالي المؤسسات المعتمدة حتى الآن 217 كيانا، تمثل طيفا متنوعا من القطاعات: من البنوك وشركات التأمين، إلى مكاتب المحاماة والاستشارات، وصولا إلى شركات التكنولوجيا المالية والمجموعات الدولية الكبرى التي اختارت كازا بوابة نحو غرب ووسط القارة.
وتعزو الهيئة هذا الإقبال المتزايد إلى مزيج من العوامل الاستراتيجية، في مقدمتها الاستقرار المؤسساتي، وتوفر بنية تحتية تكنولوجية ولوجستية متطورة، إلى جانب إطار قانوني وتنظيمي مرن يراعي خصوصيات المستثمرين الدوليين. كما يعتبر نظام التحفيزات الجبائية والمالية أحد عناصر الجذب الأساسية، خصوصا في ما يتعلق بالاستثمارات طويلة الأجل ذات الطابع الإنتاجي والخدماتي.
اللافت أن هذه الدينامية لا تقتصر على المعطيات الرقمية وحدها، بل تتغذى من رهانات اقتصادية أكبر، إذ تستعد المملكة لاحتضان تظاهرات كبرى من قبيل كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، وهي فرص ذهبية تجعل من الدار البيضاء منصة تمويل محورية لمواكبة الأوراش المرتقبة، لا سيما في مجالات البنية التحتية، الطاقة، وتمويل المقاولات الناشئة.
ويتفق فاعلون اقتصاديون على أن الآفاق مفتوحة أمام العاصمة الاقتصادية للمملكة، لتحوّل نفسها إلى “دبي جديدة للقارة الإفريقية”، شرط الحفاظ على التراكمات الحالية، وتثمين الرأسمال البشري والمؤسساتي بما يضمن الاستدامة ويجذب المزيد من الفاعلين الدوليين خلال الخمس سنوات القادمة.