كسر المغرب الاتجاه العام الذي تسير فيه أغلب الدول الإسلامية هذه السنة، إذ اختار زيادة وارداته من القمح الروسي بنسبة بلغت حوالي 45٪ مقارنة بالموسم السابق، رغم أن صادرات روسيا من الحبوب نحو الدول الإسلامية عرفت تراجعا حادا بنسبة 50٪ خلال الفترة ذاتها.
المعطيات التي كشفها موقع RBK الاقتصادي الروسي أشارت إلى أن المغرب استورد ما بين بداية الموسم وموعد آخر إحصاء نحو 310 آلاف طن من القمح الروسي، مقابل 213 ألف طن في الفترة نفسها من السنة الماضية، مع وجود شحنة إضافية من 30 ألف طن يتم تحميلها حالياً في ميناء جدانسك البولندي في اتجاه المغرب.
في المقابل، تعيش الأسواق الأوروبية حالة من التذبذب، فقد انخفض سعر القمح اللين في عقد شهر شتنبر بـ0.7٪ ليستقر عند 204.50 يورو للطن، بعدما سجل أدنى مستوى له هذا العام عند 201 يورو فقط للطن. ويخشى المتعاملون أن تواصل الأسعار تراجعها إلى ما دون 200 يورو إذا لم تظهر مؤشرات على أزمة في المحاصيل.
أستانا تغزو المائدة المغربية بالقمح والزيوت
على هذا الصعيد، لا يقتصر اهتمام المغرب على روسيا فقط، إذ يستعد ميناء مغربي لاستقبال أول شحنة من القمح قادمة من كازاخستان بحمولة تصل إلى 60 ألف طن، في خطوة تفتح المجال أمام علاقات تجارية جديدة في قطاع الحبوب بين الرباط وأستانا.
ويتزامن ذلك مع الطموح الكازاخي في توسيع صادراته الزراعية نحو إفريقيا والشرق الأوسط، بعدما أصبح من بين العشرة الأوائل عالميا في تصدير زيت عباد الشمس، واحتل المرتبة الثامنة في سنة 2024.
كازاخستان تسير نحو التحول إلى قوة زراعية تصديرية، إذ تضاعف إنتاجها من زيت عباد الشمس 2.5 مرات خلال ثلاث سنوات، وارتفعت صادراتها من الزيوت ومشتقاتها بـ4.8 مرات، فيما تقلصت وارداتها من الزيوت المعلبة بـ11٪، وفق بيانات وزارة التجارة والتكامل الكازاخية.
وتسعى الحكومة الكازاخية لرفع عائداتها من هذا القطاع إلى مليار دولار سنويا على المدى المتوسط، وهو ما يبرر إعادة توجيه جزء من أراضيها الزراعية من زراعة القمح نحو محاصيل الزيت الأكثر ربحا.
في السياق ذاته، عاد كازاخستان لتصدير الحبوب إلى أسواق مثل أذربيجان، جورجيا، تركيا وإيطاليا، كما سجلت زيادة لافتة في التصدير نحو أوروبا، بما في ذلك دول مثل بلجيكا، البرتغال، بولندا، وحتى المملكة المتحدة.
الصين بدورها أظهرت اهتماما متزايدا بالحصول على الحبوب والطحين من كازاخستان، إذ بلغت وارداتها خلال ثمانية أشهر فقط 1.8 مليون طن، بزيادة 27٪ عن نفس الفترة من العام الماضي.
اللافت في كل هذا الحراك الزراعي العالمي أن المغرب يتموضع من جديد كمستورد استراتيجي ضمن تحالفات غذائية جديدة، في لحظة يشهد فيها السوق العالمي تقلبات غير مسبوقة بسبب المناخ والحرب والمنافسة الدولية.