الأكثر مشاهدة

“القوة الشرائية للمغاربة”.. بعد 20 عاما من النمو بيانات رسمية تكشف تراجعا مقلقا بعد 2014

تظل القوة الشرائية للمواطنين المغربيين واحدة من أكثر المؤشرات الاقتصادية حساسية، لما لها من تأثير مباشر على الحياة اليومية لملايين الأسر، وكونها تعود في كل دورة انتخابية كعنصر محوري في النقاش السياسي.

كشف المندوبية السامية للتخطيط، في أحدث ملاحظاتها حول التفاوتات الاجتماعية، عن تطور القوة الشرائية للمغاربة على مدى عقدين، منذ بداية الألفية. البيانات الرسمية، الصادرة عن مؤسسة ذات مصداقية، تؤكد أن الرصيد الإجمالي للثروة الفردية شهد تقدما ملموسا، لكنه مصحوب بتباطؤ ملموس بعد عام 2014.

من ازدهار مستمر إلى تباطؤ مقلق

- Ad -

بين 2000 و2014، ارتفع الدخل المتاح الإجمالي للفرد بمعدل سنوي متوسط بلغ 5,1٪، في حين ظلت التضخم منخفضا عند 1,6٪ سنويا، ما منح الأسر زيادة فعلية في القوة الشرائية بنسبة 3,5٪ سنويا. خلال هذه الفترة، تضاعف الدخل الفردي تقريبا، من 11 ألف درهم إلى 21 ألف درهم، وهو ما انعكس على مستوى المعيشة وخلق شعورا واضحا بتحسن القدرة الشرائية.

لكن بعد 2014، تغير المشهد. ففي 2016، سجلت أول انخفاض ملموس في القوة الشرائية بنسبة 2,7٪، ثم استقرت حتى 2019. وجاءت صدمة 2020 مع جائحة كورونا لتقلص القوة الشرائية بنسبة 5,4٪، قبل انتعاش مؤقت في 2021 بزيادة 7,1٪، سرعان ما أزالتها موجة التضخم في 2022 بنسبة 6,6٪، ما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية مجددا بنسبة 2,5٪، مع تحسن ضعيف نسبيا في 2023 بنسبة 1,5٪ فقط.

على المدى الطويل، تضاعف الدخل المتاح للفرد 2,5 مرة خلال 20 سنة، إلا أن وتيرة المكاسب تراجعت بشكل ملحوظ. فبين 2000 و2009، كانت القوة الشرائية تنمو بمعدل 2,8٪ سنويا، بينما لم تتجاوز 1,1٪ سنويا بين 2010 و2023. هذا التباطؤ يفسر شعور العديد من الأسر بالركود أو التراجع، خاصة أمام ارتفاع أسعار الغذاء، والسكن، والنقل.

القوة الشرائية محور المعركة الانتخابية المقبلة

مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، أصبحت القوة الشرائية محور جدال سياسي محتدم. تتهم المعارضة الحكومة بالإخلال بقدرة المواطنين على مواجهة غلاء المعيشة، بينما يسعى المسؤولون الحكوميون لتسليط الضوء على الإصلاحات التي عززت الحماية الاجتماعية، وزادت أجور القطاع العام، ورفعت الحد الأدنى للأجور، مؤكدين أن هذه الإجراءات عملت على تخفيف آثار التضخم.

لكن الواقع اليومي للمواطن، كما تشير المندوبية، يبقى المؤشر الأهم، حيث يشعر الناس بضغط الأسعار وتأثيره المباشر على قدرتهم الشرائية، ما يجعل الموضوع حجر زاوية في أي نقاش سياسي واقتصادي.

مقالات ذات صلة