الأكثر مشاهدة

المغاربة في كندا أمام شبح الهجرة القسرية: أزمة مستقبلية تنتظر الجالية

يعيش آلاف المغاربة في كندا، من العمال والطلاب المؤقتين على حد سواء، حالة من القلق والترقب مع اقتراب الإعلان الرسمي عن خطة الهجرة الجديدة للفترة 2026-2029. هذه الخطة، التي تهدف إلى تقليص أعداد المهاجرين، قد تطبق ابتداء من يناير 2026، ما يهدد مستقبل حوالي 80 ألف مغربي خصوصا في مقاطعة كيبيك، التي تستضيف غالبية الجالية.

المغاربة في كندا يشكلون واحدا من أكبر الجاليات العربية، حيث يبلغ عددهم نحو 100 ألف نسمة وفق إحصاءات 2021، مع تمركز كبير في كيبيك التي تضم أكثر من 81 ألفا منهم. في 2025، حصل 1,835 مغربيا على الجنسية الكندية، ليصبحوا ثاني أكبر مجموعة وطنية بنسبة 7%. هؤلاء المهاجرون لعبوا دورا محوريا في قطاعات التكنولوجيا، الرعاية الصحية، والتعليم، وساهموا بشكل كبير في اقتصاد المقاطعة، لكن سياسات الهجرة الجديدة قد تقلب حياتهم رأسا على عقب.

التاريخ يكشف هشاشة وضعية الجالية أمام تغييرات الهجرة. ففي 2020، أثار إصلاح برنامج التجربة الكيبيكية (PEQ) غضب الطلاب والعمال المغاربة، الذين شعروا بأن مستقبلهم أصبح مهددا. اليوم، ومع تعليق البرنامج حتى 30 نونبر 2025، يتجدد القلق خصوصا بين آلاف الطلاب المغاربة الذين يعتمدون على هذا البرنامج للحصول على الإقامة الدائمة بعد التخرج.

- Ad -

الحكومة أعلنت أن خطة 2025 تهدف إلى استقبال بين 48,500 و51,500 مهاجر دائم فقط، مقارنة بـ66 ألف في السنوات السابقة، مع تقليصات بنسبة 13% في الهجرة المؤقتة. أما خطة 2026-2029، فتنص على استقبال 25 ألفا إلى 45 ألف مهاجر سنويا، مع تركيز أقل على العمال المؤقتين والطلاب، ما قد يؤدي إلى عدم تجديد تصاريح الإقامة المؤقتة لعدد كبير منهم.

هذا الواقع يحمل تداعيات مباشرة على المغاربة العاملين في قطاعات الضيافة والخدمات، الذين قد يجبرون على مغادرة البلاد إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى PEQ أو برنامج العمال المهرة المتوقع إعادة فتحه في يوليوز 2025. إلى جانب ذلك، تطالب كيبيك أوتاوا بتقليص 200 ألف عامل مؤقت وطالب لجوء، مما يزيد الضغط على الجالية المغربية ويضاعف المخاطر.

الآثار الإنسانية والاقتصادية لهذه السياسات ليست نظرية فحسب. يقول العديد من المغاربة: “أشعر بأنني خدعت”. المخاطر الأكبر تقع على الطلاب، إذ يمكن أن يؤدي عدم استقرار برامج الهجرة إلى هروب الأدمغة العكسي، فيما تحذر تقارير الخبراء من أن التقليصات ستعيق جذب المواهب المؤهلة خصوصا في المناطق الريفية التي تعاني من نقص في القوى العاملة. اقتصاديا، غياب عشرات الآلاف من المغاربة سيؤدي إلى تفاقم أزمة التوظيف في القطاعات الحيوية، كما حدث سابقا عندما أدى تغير السياسات إلى انخفاض الاحتفاظ بالمهاجرين.

في ضوء هذه التطورات، يترقب المجتمع المغربي في كندا قرارات الحكومة المقبلة بقلق، وسط مخاوف حقيقية من تحول حياة آلاف الأسر بين ليلة وضحاها، وإعادة تشكيل جغرافيا الجالية المغربية التي استقرت وبنت مستقبلها في بلاد المهجر.

مقالات ذات صلة