يشهد المغرب في السنوات الأخيرة ضغوطا متزايدة على قطاع المواد الغذائية الأساسية، وتحديدا الخضر مثل الطماطم، البطاطس، والبصل، التي لم تعد تباع بأسعار تقل عن 7 دراهم للكيلوغرام في المدن الكبرى ونواحيها، ما يجعل الأسر المغربية تواجه عبئا متزايدا على مستوى المعيشة اليومية. هذا الغلاء المستمر ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل يعكس تحديات أكبر ترتبط بالأزمة المائية والجفاف الهيكلي الذي يضرب البلاد، إضافة إلى سياسات تصدير المنتجات الزراعية التي يراها كثيرون غير متوازنة.
المستهلكون، الذين استطلعت “آنفا نيوز” آراءهم، عبروا عن استيائهم من ارتفاع الأسعار، مشيرين إلى أن الفارق بين ما كانت عليه الأسعار سابقا وما أصبحت عليه اليوم بات محسوسا بشكل كبير، حيث كان الكيلوغرام من الخضر يباع في الماضي بدراهم معدودة، بينما تضاعف اليوم بصورة كبيرة. وفي هذا السياق، يصف بعضهم الوضع بأنه “كماشة الغلاء”، في ظل شعور بعدم تدخل الدولة بفعالية لضبط السوق وتأمين المواد الأساسية بأسعار مناسبة، مما يفاقم الأزمة اليومية للمعيشة.
دعوات لإعادة النظر في سياسات الفلاحة والتصدير
من زاوية أخرى، يثير موضوع تصدير المواد الفلاحية جدلا واسعا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بكبار الفلاحين الذين يربحون بشكل كبير من التصدير في وقت يعاني المغرب من عجز مائي خطير. يطرح هذا الواقع أسئلة حول جدوى السماح بتصدير المنتوجات دون قيود صارمة، ويطالب العديد من المراقبين بإعادة النظر في السياسات الفلاحية بحيث تشترط عملية التصدير على أساسين: أولا، تثمين المنتوج محليا قبل تصديره لضمان استفادة الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة، وثانيا، اعتماد مياه البحر المحلاة بشكل كامل ودفع تكلفتها دون أي دعم مالي من أموال دافعي الضرائب، بما يحمي الموارد المائية العذبة التي تعاني من الضغط المستمر.
حل هذه الأزمة لا يقتصر على ضبط الأسعار فقط، بل يتطلب استراتيجية شاملة تشمل الاستثمار في التقنيات الزراعية الحديثة، وتحسين شبكات النقل والتخزين لتقليل الفاقد، وتعزيز الإنتاج المحلي المستدام الذي يحافظ على الموارد المائية ويوازن بين السوق المحلي والتصدير. كما أن إشراك المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات ومراقبة الأسواق يساهم في تعزيز الشفافية وحماية المستهلك.
في النهاية، المواطنون يأملون تدخلا عاجلا من الجهات المعنية، لضمان توفر المواد الأساسية بأسعار مناسبة، وحماية القدرة الشرائية للأسر، وتطوير سياسات تصدير عادلة تعكس أولويات الاقتصاد الوطني وحقوق المستهلكين، بدل ترك السوق مفتوحا أمام التجار الكبار الذين يحددون الأسعار وفق مصالحهم الخاصة. الأزمة الحالية هي فرصة لتفكير جديد واستراتيجية شاملة ترتكز على الإنصاف، الاستدامة، والشفافية.