الأكثر مشاهدة

“إل إيكونوميستا” الإسبانية: المغرب في طريقه ليصبح “إسبانيا الأقل تكلفة”

وسط موجة من التوترات التي تخيم على اقتصادات الأسواق الناشئة، يبرز المغرب كنموذج استثنائي في الاستقرار والنمو، مدفوعا باستراتيجية دقيقة تجعل منه “إسبانيا منخفضة التكلفة” كما وصفت صحيفة “إل إيكونوميستا” الإسبانية.

بعد مراجعات متتالية صعودا، يتوقع أن يسجل الاقتصاد المغربي نموا يقارب 4% خلال 2025، وهو منحى إيجابي يرتقب أن يستمر في 2026 و2027. هذا الأداء القوي مدعوم بتعاف زراعي واضح، وانتعاش القطاعات غير الفلاحية، وارتفاع الطلب الداخلي، إلى جانب تراجع معدلات التضخم.

خلال الربع الأول من هذا العام، حقق الناتج الداخلي الخام نموا سنويا بلغ 4.8%، مدفوعا بزيادة في الأنشطة غير الفلاحية بنسبة 4.6% مقارنة بـ3.6% العام الماضي، في حين حقق القطاع الصناعي قفزة لافتة بـ4.5%.

- Ad -

السياحة والسيارات: ركيزتا الصعود

تماما كما حدث في إسبانيا خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، يعول المغرب على قطاعي السياحة وصناعة السيارات لدفع عجلة التنمية. خلال النصف الأول من 2025، ارتفعت أعداد السياح بـ16% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما أعلنت وزارة الصناعة أن أكثر من 350 ألف سيارة صنعت في البلاد، بزيادة بلغت 36%.

أصبحت المملكة وجهة مفضلة لكبرى الشركات العالمية، خصوصا الفرنسية والصينية. شركة “غوشن هاي-تك” الصينية ستنشئ مصنعا ضخما للبطاريات، فيما أعلنت “سِنزووم” و”BTR New Materials” عن مشاريع مشابهة، وهو ما يعزز موقع المغرب كمحور إستراتيجي في سلسلة إنتاج السيارات الكهربائية.

تحليل صادر عن “كابيتال إيكونوميكس” البريطانية يرى أن استمرار هذا النسق في النصف الثاني من السنة سيجعل المغرب يتفوق على دول مثل إيطاليا وبولندا ورومانيا في حجم إنتاج السيارات. حاليا، يشكل قطاع السيارات أزيد من 10.4% من الناتج الداخلي، ويشغل قرابة 220 ألف شخص، ويشكل أكثر من ربع صادرات البلاد.

ثقة المؤسسات المالية الكبرى

بنك “جي بي مورغان” لم يتردد في الإشادة بالمسار المغربي، مشيرا إلى استقراره السياسي والاقتصادي، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، والتحول نحو قطاعات ذات قيمة مضافة عالية. كما اعتبر أن المغرب بات مرشحا قويا للحصول على تصنيف “الدرجة الاستثمارية”، أي أقل درجة مخاطرة مالية.

التحول الكبير بدأ منذ 2021، حين أطلقت السلطات برنامجا بعيد المدى لإعادة تشكيل النموذج التنموي. وتشير الأرقام إلى أن المشاريع الاستثمارية الجديدة تضاعفت خمس مرات خلال عامين.

ولا يقتصر طموح المملكة على السياحة والصناعة، بل يمتد إلى مشاريع ضخمة في البنية التحتية، مثل إنشاء أكبر حوض لبناء وإصلاح السفن في إفريقيا بمدينة الدار البيضاء، بمساحة تعادل 30 ملعب كرة قدم، لمنافسة أحواض بناء السفن جنوب أوروبا.

طاقة متجددة = قوة الغد

في زمن ترتفع فيه أسعار الطاقة، يستفيد المغرب من موارده الطبيعية لتطوير طاقته المتجددة. خبراء يعتبرون أن المملكة قد تصبح المورد الطاقي الاستراتيجي لأوروبا في المستقبل، بفضل امتلاكها لأفضل المواقع الشمسية والريحية في العالم، وفق ما صرح به خبير مغربي لهيئة الإذاعة البريطانية.

الدعم الأمريكي لا يغيب عن المشهد. في عهد الرئيس دونالد ترامب، اعترفت واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، في خطوة دعمت مكانة الرباط في محيطها الجيوسياسي، خاصة مع تصاعد الحروب التجارية بين القوى الكبرى.

ميزان الأداء التجاري يتحسن

وسجل العجز في الحساب الجاري – أي الفرق بين الصادرات والواردات – تراجعا ليبلغ 1.7% من الناتج الداخلي سنة 2024، وهو أدنى مستوى منذ جائحة كوفيد، بل انخفض أكثر ليصل إلى 1.1% في الربع الأول من 2025، وهو ما يرجح تحوله إلى فائض خلال الفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة