أصبح تزويد القوات الملكية الجوية بـ “منصة حرب إلكترونية” جديدة أولوية استراتيجية قصوى، لتعويض طائرتي الحرب الإلكترونية القديمتين، وضمان ما يعرف بـ “مضاعفة القوة” اللازمة لتنفيذ العقيدة الملكية للحفاظ على توازن القوى في منطقة تشهد سباقا متواصلا نحو التسلح.
الحرب الإلكترونية.. ضرورة استراتيجية قصوى
بعد سنوات من تعثر المفاوضات بسبب القيود المالية، والتي شملت خيارات أمريكية وإيطالية وإسرائيلية باهظة الثمن، جاءت “صدمة” الصراعات الأخيرة، خاصة الصراع الهندي-الباكستاني، لتؤكد حتمية امتلاك هذه الوسائل الجوية.
ويوضح الخبير عبد الحميد حريفي أن المغرب، ورغم محافظته على “التفوق التكنولوجي” المثبت لأسلحته، لا يمكنه مجاراة التفوق العددي لبعض الخصوم بسبب محدودية الميزانية. وعليه، فإن الأنظمة الجديدة ضرورية “لاستعادة التوازن”.
نظام HADES: الطائرة “الشبح” القتالية
في مواجهة هذا الاستعجال الاستراتيجي، عبر المغرب عن اهتمامه ببرنامج HADES (نظام الكشف والاستغلال عالي الدقة) التابع للجيش الأمريكي. هذا النظام، الذي يعتمد على طائرات أعمال خاصة معدلة بشكل كبير، مصمم لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) بعيدة المدى وفي الارتفاعات العالية.
يصف خبراء نظام HADES بأنه “يشبه في البداية طائرة تجسس وحرب إلكترونية، لكن بقدرات قتال جوي”. والميزة الكبرى لهذا الخيار هي أنه مؤهل للاستفادة من برنامج المبيعات العسكرية الخارجية الأمريكية (FMS)، ما يتيح ضمان التمويل الحكومي الأمريكي بأسعار معقولة وعلى مدى زمني طويل.
ورغم أن الوصول الفعلي لهذه الطائرات قد يتأخر إلى ما بين 2032 و 2035، يرى خبراء أن “الرهان يمكن أن يتحمل هذه التضحية”، طالما أن الهدف هو تزويد القوات المسلحة الملكية بقدرة استراتيجية قابلة للتعديل والتعزيز المستمر. وفي الأثناء، قد يلجأ المغرب إلى حلول انتقالية مثل شراء طائرات مستعملة من نوع E-2 Hawkeye عبر برنامج EDA الأمريكي.
ملحمة تحديث F-16 بأياد مغربية
تأتي هذه الصفقة المستقبلية في إطار استراتيجية تحديث شاملة تشمل العمود الفقري للقوات الجوية: مقاتلات F-16.
سيتم تحديث 23 طائرة من الجيل الحالي إلى معيار Viper المتقدم، وهذه العملية “ستتم في المغرب، وبأيد مغربية، وهي سابقة أولى”.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم تسليم 25 طائرة F-16 Block 72 جديدة قريبا، وهو ما تم بحثه خلال زيارة المفتش العام للقوات الملكية الجوية الأخيرة للولايات المتحدة.
في النهاية، سيصبح الأسطول المغربي يضم 48 طائرة F-16 Viper. ورغم تفوق هذا الأسطول التكنولوجي، فإنه سيظل أقل عددا من أسطول الجار الشرقي، مما يزيد من الأهمية الاستراتيجية القصوى لنظام حرب إلكترونية مثل HADES لتحقيق توازن فعال وغير قابل للكسر.


