في خطوة استراتيجية تعكس حجم التحديات المائية التي تواجه المغرب، أعلن وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن المملكة تخطط لبناء 155 سدا جديدا خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلى جانب 150 سدا تم إنشاؤها منذ الاستقلال. وجاء هذا الإعلان خلال مشاركته في جامعة الشباب الصيفية لحزب الاستقلال، حيث شدد على أن هذه المشاريع تأتي استجابة للتوجيهات الملكية الرامية إلى ضمان تزويد جميع المواطنين بالماء الصالح للشرب بنسبة 100٪ وتغطية 80٪ من حاجيات الري.
وأوضح الوزير أن الوضع المائي في البلاد بات مقلقا بفعل التغيرات المناخية، مذكرا بأن 53٪ من التساقطات المطرية تتركز في 7٪ فقط من التراب الوطني، فيما يتراجع نصيب الفرد من المياه بشكل متسارع نتيجة الجفاف المتكرر، واستنزاف الفرشات المائية، وارتفاع نسبة الملوحة، وهو ما ينعكس سلبا على النشاط الزراعي ويهدد الأمن الغذائي.
ولمواجهة هذا الوضع، تعمل الحكومة على حزمة متكاملة من الحلول تشمل تشييد سدود كبرى ومتوسطة وصغرى، وربط الأحواض المائية، وتحويل فائض المياه بين الجهات، إلى جانب اعتماد محطات تحلية مياه البحر ومحطات متنقلة لمعالجة المياه المالحة. كما تتضمن الخطة تدابير وقائية لمكافحة التوحل في السدود من خلال إعادة التشجير وبناء عتبات لحجز الأوحال.
ووفق بيانات وزارة التجهيز والماء، سجّل المغرب بين شتنبر 2024 ويوليوز 2025 تساقطات مطرية متباينة، بلغت 5 ملم فقط في حوض الساقية الحمراء ووادي الذهب، مقابل 437 ملم في حوض سبو، وهو ما يعكس استمرار الجفاف الاستثنائي للسنة السابعة على التوالي.
وتندرج هذه المشاريع ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه الري 2020-2027، الذي تصل تكلفته إلى 143 مليار درهم، ويهدف إلى تنويع مصادر المياه، وتحسين تدبيرها، وزيادة الطاقة التخزينية للسدود عبر بناء منشآت جديدة ورفع سعة القائم منها. وبحسب بركة، يجري حاليا استكمال 16 سدا كبيرا، مع برمجة 4 سدود متوسطة و92 سدا صغيرا للفترة ما بين 2025 و2027، بفضل شراكة تجمع وزارات الداخلية، والتجهيز والماء، والاقتصاد والمالية.
وختم الوزير بالتأكيد على أن هذه الجهود تأتي انسجاما مع خطاب العرش الأخير، الذي دعا إلى تجاوز «مغرب بسرعتين» وتحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية أوسع، بما يتيح للشباب والنساء فرصا متكافئة للتنمية، خاصة في المناطق الهشة التي تعاني أكثر من تداعيات الجفاف.