تقترب أشغال تطوير حقل الغاز بتندرارة، شرق المغرب، من الوصول إلى مرحلتها النهائية، بعد مسار طويل من الأبحاث والاستكشاف بدأ منذ مطلع الألفية، بل وحتى قبل ذلك خلال القرن الماضي، حيث قادت عمليات التنقيب الأولى إلى اكتشافات محدودة في منطقتي الغرب ومسقالة. ووفق ما نقلته “ميديا24″، فإن هذه الخطوة تمثل تتويجا لسنوات من العمل الميداني في مجال استكشاف النفط والغاز والموارد غير التقليدية مثل الغاز الصخري والهيدروجين الطبيعي، وهي مشاريع تتطلب استثمارات ضخمة لتحديد المناطق الواعدة بدقة.
رغم التحديات، يظل المغرب بلدا ذا إمكانيات هيدروكربونية غير مكتشفة سواء في اليابسة أو في أعماق السواحل، وهو ما تؤكده الاكتشافات المؤكدة في حقل تندرارة، الذي تصل موارده إلى 10,6 مليارات متر مكعب من الغاز، وحقل أنشوا البحري الذي يضم احتياطيات تقدر بـ 18 مليار متر مكعب في انتظار استغلالها. هذه الإنجازات تضاف إلى الحقول التاريخية في الغرب ومسقالة، التي شهد إنتاجها تراجعا من 100 مليون متر مكعب سنويا إلى نحو 40 مليونا فقط بسبب نضوب المخزون.
هل يصبح المغرب قوة طاقية؟ إمكانيات غير مكتشفة
المؤشرات الحالية توحي بأن الطريق نحو اكتشافات أكبر ما زال مفتوحا، إذ تم تحديد عدة مواقع واعدة في الهضاب العليا، ميسور، أسا الزاك، دكالة-عبدة، الغرب والصويرة، إضافة إلى سواحل الشمال قبالة حقل أنشوا. أما بالنسبة للبترول، فتتركز الاحتمالات على طول الساحل من المتوسط حتى الأطلسي، غير أن أي اكتشاف ضخم لم يسجل بعد.

في هذا السياق، يبرز تحدي المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن في جذب شركات كبرى قادرة على الاستثمار في أكثر من بئر، خاصة وأن أولى الاكتشافات – وإن بدت متواضعة – قد تمهد لسلسلة اكتشافات أوسع. المنطقة الأطلسية للمغرب ما تزال هدفا مغريا لشركات دولية، حيث تعمل “إيسو” الأمريكية على مسح بحري يمتد من آسفي إلى طرفاية، بينما حصلت “هنت أويل” على تمديد رخصة “موغادور” البحرية حتى مطلع 2027.
تاريخيا، بدأت أولى محاولات التنقيب البحري منذ سنة 1968، غير أن النتائج الأولى في 2004 لم تصل لدرجة الاستغلال التجاري. لكن الفترة بين 2013 و2018 شهدت مؤشرات مشجعة، منها اكتشافات النفط الثقيل والخفيف في طرفاية، ومؤشرات الغاز والمكثفات بسيدي إفني وأكادير.
وعلى صعيد المشاريع الجارية، من المنتظر أن يطلق المغرب خلال النصف الثاني من 2025 أول مناقصة لتشييد البنية التحتية الغازية. حقل تندرارة سيدخل الخدمة نهاية العام نفسه بطاقة إنتاجية مبدئية تبلغ 100 مليون متر مكعب سنويا، مع خطة لزيادة الإنتاج في مرحلته الثانية لتزويد محطات الكهرباء. وفي الوقت نفسه، تعتزم “براديتور” البريطانية حفر بئر جديد في رخصة جرسيف، بينما انسحبت “جنال إنرجي” من مشروع بناصة بعد تعذر إيجاد شريك مالي.
بهذه الخطوات، يبدو أن المغرب يضع أسس مرحلة جديدة في أمنه الطاقي، تراهن على الجمع بين استغلال المكتشفات القائمة وتعزيز فرص البحث في مناطق لا تزال تخفي الكثير من أسرارها.