رغم ارتفاع كميات المحروقات المستوردة، نجح المغرب في تقليص فاتورته الطاقية بنسبة ملحوظة بلغت 7,4% خلال النصف الأول من سنة 2025، ما يعادل اقتصادا قدره 4,2 مليار درهم مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.
لكن خلف هذا “التحسن المحاسباتي”، لا يظهر أي تحول هيكلي في السياسة الطاقية الوطنية، إذ يعزى هذا الانخفاض بشكل شبه كلي إلى تراجع أسعار الطاقة في السوق الدولية، وليس إلى تحسن في مردودية الاستهلاك أو تنويع في مصادر التزويد.
وفي التفاصيل، تراجعت قيمة واردات الغازوال والفيول، وهما العنصران الأكثر كلفة في الفاتورة، بنسبة 15,7%، وذلك بفضل انخفاض حاد في الأسعار بلغ 19,4%. هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه الكميات المستوردة فعليا بـنسبة 4,7%. بمعنى آخر، استورد المغرب كميات أكبر من المحروقات، لكنه أنفق أقل بسبب تراجع الأسعار العالمية.
أما باقي مكونات الفاتورة، فقد أظهرت نوعا من الاستقرار، باستثناء استيراد الكهرباء الذي سجل قفزة ضخمة، تجاوزت 95,4%، وهو مؤشر يفتح الباب أمام تساؤلات حول القدرة الوطنية على تغطية الطلب الداخلي، رغم المشاريع الكبرى للطاقة المتجددة.
كما انخفضت واردات زيوت البترول وزيوت التشحيم بنسبة طفيفة لا تتجاوز 3,1%، وهو تراجع محدود لا يعكس تحولا نوعيا في أنماط الاستهلاك أو الإنتاج.
هذه الأرقام، وإن بدت مطمئنة ظاهريا من حيث القيمة المالية، تكشف واقعا مغايرا: المغرب ما زال يعتمد بشكل كبير على الواردات الطاقية، ومكاسبه الحالية مرتبطة بعوامل خارجية ظرفية لا غير. وبالتالي، فإن أي انتكاسة في أسعار السوق العالمية مستقبلا قد تنعكس بشكل مباشر على توازناته التجارية والمالية.