تعيش المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب وضعا مقلقا ينذر بمستقبل قاتم، إذ أظهرت المعطيات الأخيرة أن 90 في المئة منها ما تزال تجد صعوبة في ولوج التمويل البنكي، بسبب الشروط الصارمة والضمانات الثقيلة التي تفرضها المؤسسات المالية، ما يحرمها من الأوكسجين الضروري لمواصلة نشاطها.
ولا يقتصر الأمر على التمويل فقط، فحوالي 70 في المئة من هذه المقاولات تشتكي من تأخر الإدارات العمومية في تسديد مستحقاتها، وهو ما يضعف سيولتها المالية ويجعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه المستخدمين والممونين.
أما على المستوى الجبائي، فقد جاء قانون المالية لسنة 2023 ليزيد الطين بلة، بعدما تم رفع الضريبة على الشركات الصغيرة من 10 إلى 20 في المئة، لتصبح مساوية للتي تؤديها كبريات الشركات. خطوة وصفها المهنيون بغير العادلة، معتبرين أنها تهدد باندثار آلاف المقاولات التي تشكل ركيزة أساسية في النسيج الاقتصادي.
من جهة أخرى، تتوسع مظاهر المنافسة غير المشروعة،.. سواء من خلال الشركات الكبرى التي تحتكر الصفقات العمومية،.. أو عبر بروز شركات “صورية” أسست فقط للاستفادة من الدعم الموجه أصلا للمقاولات الصغرى،.. مما يفقد هذه البرامج فعاليتها. ويضاف إلى ذلك ضغط القطاع غير المهيكل الذي يستمر في تقويض فرص هذه المقاولات دون وجود سياسة واضحة لدمجه داخل الاقتصاد الرسمي.
الأرقام تكشف حجم الأزمة؛ إذ بلغ عدد المقاولات التي أفلست سنة 2024 ما يقارب 33 ألف مقاولة،.. مع توقعات بارتفاع العدد إلى 40 ألفا خلال 2025،.. ما يهدد بفقدان آلاف مناصب الشغل وزيادة الضغط الاجتماعي.
ويرى خبراء الاقتصاد أن إنقاذ هذه الفئة لم يعد ترفا، بل ضرورة ملحة لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. فالمقاولات الصغرى ليست مجرد مشاريع صغيرة،.. بل هي العمود الفقري الذي يخلق الثروة ويوفر فرص العمل ويحافظ على توازن السوق الوطنية.