استيقظت جماعة أولاد صالح العمامرة بإقليم النواصر على صوت الجرافات وهي تقتلع الأحجار والأشجار، وتهدم المساكن التي ظلت لعقود شاهدة على استقرار الساكنة فوق الأراضي السلالية.
تحت إجراءات أمنية مشددة، انتشرت عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة وممثلو السلطات المحلية، في مشهد استنفار واسع لتأمين تنفيذ قرار هدم مساكن شيدت بشكل عشوائي فوق أراضٍ ذات طابع جماعي، بعدما تقرر تفويتها لصالح الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية.
لم يكن الأمر مجرد إزالة بعض الجدران أو اقتلاع أسقف متهالكة،.. بل كان اقتلاعا لجذور اجتماعية ضاربة في عمق الأرض. الأرض التي تمتد على مساحة تناهز 70 هكتارا،.. كانت موضع نزاع مرير بين ذوي الحقوق السلالية والسلطات، خاصة بعد تفويت العقار بسعر أثار غضب الساكنة: 200 درهم فقط للمتر المربع، في حين أن الثمن القانوني المحدد يتجاوز ثلاثة أضعاف هذا الرقم.
وفي الوقت الذي تحركت فيه الجرافات بثبات،.. رفع ذوو الحقوق صوتهم بالرفض، مذكرين بأن إجراءات التفويت لم تحترم، بحسبهم، الشروط القانونية،.. ولا حتى الأعراف التي كانت تضمن استقرار العائلات فوق هذه الأراضي لعقود طويلة.
العقد الموقع لفائدة الوكالة اللوجيستيكية،.. والذي تم توثيقه بالعاصمة الرباط، فتح الباب أمام مشروع ضخم لإنشاء منطقة لوجيستيكية جديدة. إلا أن التفاصيل التقنية كشفت عن مفارقات،.. أبرزها أن المساحة المنصوص عليها في العقد تجاوزت ما كان مقررا في محاضر مجالس الوصاية.
في خضم هذا النزاع،.. تم توجيه إشعارات رسمية إلى المحافظ العقاري، تحذر من المساس بحقوق الساكنة السلالية، وتؤكد أن إجراءات التفويت تفتقد للسند القانوني الكافي لإحداث رسم عقاري مستقل. وفق التشريعات المنظمة للأملاك السلالية والتحفيظ العقاري،.. فإن أي تغيير في طبيعة الملكية يستوجب موافقة صريحة ومكتوبة من المالكين الأصليين.